شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[الدليل الثاني: السنة]

صفحة 84 - الجزء 1

  النبيء؛ لاحتياجه إلى من يتواتر به أمره.

  وقيل: سبعون؛ لقوله تعالى: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا}⁣[الأعراف ١٥٥]. وقيل: ثلاثمائة وبضعة⁣(⁣١) عشرة عدد أهل غزوة بدر؛ لأن الغزوة تواترت عنهم. وقيل غير ذلك⁣(⁣٢).

  وما ذكروه⁣(⁣٣) من المتمسكات مع تعارضه وعدم مناسبته لا يدل على اشتراط تلك الأعداد⁣(⁣٤). والصحيح أن أقله خمسة؛ لخروجها عن دائرة الشهادة. (و) أنه (لا حصر لعدده) كثرةً (بل هو) شرطه: تكثر المخبرين وبلوغهم حدًّا تمنع العادة من اتفاقهم وتواطؤهم على الكذب، واستنادهم في ذلك الخبر إلى الحس⁣(⁣٥)، لا إلى غيره كالعقل، كأخبار الفلاسفة بقدم العالم، فإنه لا يفيد قطعا.

[ضابط شرط التواتر]

  وضابط شرط التواتر⁣(⁣٦): (ما أفاد العلم) فإذا أفاده علم وجود الشرط.

  واختلف هل يفيد العلمَ (الضروري) الذي لا ينتفي بشك ولا شبهة أوْ لا؟

  فعند أئمتنا $، وجمهور المعتزلة، والأشعرية، وبعض الفقهاء المحدثين: أنه يفيده؛ لوقوعه لمن لم ينظر⁣(⁣٧) كالصبيان والبُلْهِ والعوام الذين لا يتأتى منهم النظر بالضرورة، ولو كان نظريا لما حصل لغير الناظرين، ولأنه يمتنع علينا النظر في وجود مكة وبغداد، كما يمتنع في وجود ما نشاهده كالشمس سواء، وذلك علامة الضروري.


(١) البِضع والبِضعة: من الثلاثة إلى التسعة.

(٢) كما حكى الرازي عن قوم أنهم اشترطوا عدد أهل بيعة الرضوان، وهم ألف وسبعمائة. غاية.

(٣) «ذكر». نخ.

(٤) في إفادة العلم.

(٥) وإن اختلف جنس الحس بأن تكون الدرجة العليا مستندة إلى المشاهدة، والسفلى إلى السماع من العليا.

(٦) ولا حاجة إلى اشتراط استواء مراتبه في الشرطين المذكورين أوَّلًا؛ لإغناء الأول عنه، ولا إلى اشتراط عدم سبق العلم بالمخبر عنه ضرورة؛ لأن الشرط إنما هو لما يفيد العلم لا لإفادة العلم، ولا يخرج الدليل عن كونه دليلا بالعلم بمدلوله، كما لا يخرج عن كونه دليلاً بالجهل به، والله أعلم. منه.

(٧) في أحوال المخبرين من العدد وانتفاء المواطأة ونحو ذلك. غاية.