مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني،

الحسين بن القاسم العياني (المتوفى: 404 هـ)

باب الدلالة على صنع الله في الحيوانات

صفحة 155 - الجزء 1

  وأما النعمة فالرزق المبسوط الذي لا يصح إلا من رازق كريم، وذلك أنا نظرنا الإنسان⁣(⁣١) فإذا هو نطفة من ماء مهين، ميت قليل حقير، غير سميع ولا بصير، ثم وجدناه بعد ذلك إنساناً حياً حكيماً مدبراً سميعاً بصيراً موصلاً مفصلاً، قد جعل كل معنى منه لمعنى، ولا يجعل المعنى للمعنى إلا عالم بما صنع⁣(⁣٢) وبنى.

  فأول ما نظرنا منه تكثيره بعد قلته، وقوته بعد ضعفه، وحياته بعد موته، وعلمه بعد جهله، فعلمنا بيقين أن هذه نعمة محكمة لا تكون إلا من حكيم عليم، وتدبير لا يكون إلا من مدبر قديم، ورحمة لا تكون إلا من رحيم.

  والدليل على ما ذكرنا من العلم⁣(⁣٣) والحكمة والرحمة، أن الرحمة هي الفضل⁣(⁣٤) والنعمة. وأن [الكرم]⁣(⁣٥) هو البسط للمنافع عند الحاجة والفاقة، وأن ذلك⁣(⁣٦) لا يكون إلا من عالم حكيم، لأنه لم يعط⁣(⁣٧) عبيده ما أعطاهم إلا لعلمه⁣(⁣٨) بفاقتهم، ولم يتكرم عليهم بإيجادهم⁣(⁣٩) إلا لإتمام الحكمة في خلقهم، ولم ينعم عليهم إلا تفضلاً برزقهم، وذلك أنا نظرنا إلى ما جعل فيهم من الحياة بعد موتهم، فعلمنا أن الحياة من أكثر النعم، وأعظم الفضل وأكمل الكرم،


(١) في (ب): أنا نظرنا إلى الإنسان.

(٢) في (ب): بما وضع.

(٣) في (ب): من العلة.

(٤) في (ب): هي القصد.

(٥) في (أ): الكريم. والصحيح: الكرم، وهو ما أثبتناه من (ب).

(٦) في (ب): أن ذلك لا يكون.

(٧) في (ب): لأنه لم يقضا عنده ما أعطاهم.

(٨) في (ب): إلا بعلمه.

(٩) في (ب): بإيجاده.