مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني،

الحسين بن القاسم العياني (المتوفى: 404 هـ)

كتاب شواهد الصنع والدلالة على وحدانية الله وربوبيته

صفحة 161 - الجزء 1

  فإن قلت: إنها أوجدتها بعلم فهذا محال، لأن الميت لا يعلم شيئاً، ولا يكون العالم إلا حياً.

  وإن قلت: إنها أوجدت الحكمة بجهل فهذا محال، لأن الجاهل الميت لا يعقل ولا يعي⁣(⁣١)، ولا يحسن ولا يسيء، ولا يحكم التدبير، ولا يبرم الأمور.

  وإن قلت: إن هذه الحكمة حدثت من علل قديمة حية حكيمة مدبرة، فهذا هو صفة الخالق⁣(⁣٢) والخالق ليس⁣(⁣٣) يسمى عللاً، وإنما هو الله الذي لا إله إلا هو العليم الحكيم.

  ودليل آخر: إن العلل الميتة محدثة، لأن الموات ساكن، والساكن مقيم لابث، واللابث لا يخلو من أن يكون لبث وأقام وقتاً طويلاً، أوأقام وقتاً قليلاً.

  فإن قلت: إنه لبث وقتاً قليلاً، أوجبت حدثه من قليل من الأزمان.

  وإن قلت: إنه مقيم لابث منذ وقت طويل قديم، فهذا محال أن يكون الوقت قديماً، لأن الأوقات هي الأزمان والأزمان قد فنيت، ووقع الفناء على كل ما مضى منها فعدمت، ولم تعدم الأوقات والأزمان كلها إلا بعد حدوثها، ولا يعدم آخرها إلا بعد عدم أولها، وإذا كان للمقام والأوقات أول وآخر فقد صح حدث الجسم المقيم؛ إذ لم ينفك من المقام والأوقات، وما لم ينفك من سكون الساعات، ولم يكن قبلها، فسبيله في الحدث سبيلها.


(١) في (ب): ولا يغني.

(٢) في (ب): فهذه صفة الخالق.

(٣) في (ب): والخالق فليس اسماً.