كتاب شواهد الصنع والدلالة على وحدانية الله وربوبيته
  وإما أن تكون تولدت من طبائع محدثة مصنوعة مدبَّرة؛ وإما أن تكون تولدت من العدم.
  فإن قلت: إنها تولدت من العدم أوجبت أنها معدومة ونفيت وجودها، لأن العدم لا يوجب وجوداً؛ إذ هو غير موجود، ولا شيء سوى النفي مقصود.
  وإن قلت: إن هذه الحكمة تولدت من طبائع محدثة، فالمحدِث لأولها هو المحدِث لآخرها، وفي هذا إثبات الخالق لها.
  وإن قلت: إن هذه الحكمة تولدت من طبائع قديمة ميتة، فهذا محال، لأنها لا تخلو من أن(١) تكون أوجدتها بعد العدم، أو هي كانت موجودة معها في حال القدم.
  فإن قلت: إنها كانت قديمة معها، ثم انفصلت عنها، فهذا محال(٢)، لأنا قد بينا حدثها، وأوضحنا الدليل على حدوث فرعها وأصلها فيما تقدم من قولنا، وأيضاً فإن في الحكمة آثار صنع العالم الحكيم.
  وإن قلت: إن هذه الطبائع الميتة أوجدت الحكمة بعد العدم، فهذا محال(٣)، لأنها لا تخلو من أحد وجهين:
  [١] إما أن تكون أوجدتها بعلم.
  [٢] وإما أن تكون أوجدتها بجهل.
(١) في (ب): لأنها لا تخلو أن تكون.
(٢) في (ب): وهذا محير.
(٣) في (ب): فهذا محير.