باب الدلالة على صنع الله في الحيوانات
  وإن قلت: إنها حدثت لعلة، لم تخل العلة من أحد وجهين:
  [١] إما أن تكون جسماً.
  [٢] وإما أن تكون عرضاً.
  وقد بينا حدوث الجسم والعرض، ولو كانت المحدثات من محدثات السكون والحركات، وإذا لم ينفك الكل من الحدث، صح بذلك الخالق المحدِث.
  ودليل آخر: وذالك لو كان كل محَدث من محدَث لكان لذلك آخر، وما كان له آخر فله أول، وما كان له آخر وأول فقد صح حدث الجميع.
  ودليل آخر: إذا كان للمحدثات آخر، لم يخل ما مضى من المحدثات من أن يكون الآن كله موجوداً، أو بعضه أو كله معدوماً.
  فإن قلت: عدم كله، أوجبت أنه عدم بعد حدوثه، وصح عدمه كله، بعد حدوثه كله.
  وإن قلت: بل عدم بعضه، جعلته على قسمين:
  [١] قسم قد عدم فَنَاهَى العدم بعد حدوثه، وأفقده بعد وجوده.
  [٢] وقسم حدث ثم هو الآن موجود كله.
  وإن قلت: إنه الآن موجود كله، فقد ناهاه الوجود، وللكل نهاية وغاية.
  ودليل آخر: إذا لم يكن شيء من الأشياء المحدثة كلها ينفك من الحركات والسكون، فقد مضى للحركات والسكون أزمنة تضمنها الفناء، وفي ذلك من الكلام ما قد مضى، وفيه كفاية لمن اكتفى.