باب الدلالة على صنع الله في الحيوانات
  وإن قلت: إن الجمادات حدثت في البدء هملاً لا من علة ولا من محدِث أَوجَبْتَ عدمها، لأنها إذا كانت عدماً لم تخل من أن تكون وُجِدَت من قِبَل العدم أو وجدت لسبب.
  فإن قلت: إنها وجدت للعدم فهذا محال، لأن العدم لا شيء، فلا شيء لا يكون سبباً للأشياء، لأن السبب لا يكون معدوماً، لأن العدم نفي الأسباب.
  وإن قلت: إنها حدثت لسبب، لم يخل ذلك السبب من أحد وجهين:
  [١] إما أن يكون قديماً.
  [٢] وإما أن يكون محدثاً.
  فإن قلت: إنه محدث فالمحدث مخلوق، وليس كلامنا إلا في المخلوق، لِمَ خلق؟ وما سببه؟ وما علته؟
  وإن قلت: إن السبب الذي أوجد الخلق قديماً أصبت ورشدت، وعرفت الخالق.
[بيان الحكمة]
  ودليل آخر: لا تعدو هذه الحكمة التي قدمنا ذكرها من أحد وجهين لا ثالث لهما:
  [١] إما أن تكون حكمة قديمة.
  [٢] وإما أن تكون حكمة محدثة.