مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني،

الحسين بن القاسم العياني (المتوفى: 404 هـ)

باب الدلالة على صنع الله في الحيوانات

صفحة 165 - الجزء 1

  فإن قلت: إنها قديمة، فهذا محال، لأنا قد بينا حدثها.

  وإن قلت: إنها محدثة، لم تخل من أن تكون حدثت بإحداث الحكيم أو بالإهمال.

  فإن قلت: حدثت بالإهمال فهذا من أكبر المحال، لأن الهمل هو العدم، والعدم لا يوجب كون الحكمة ولا غيرها.

  وإن قلت: بل حدثت بإحداث الحكيم، صدقت وكان ذلك كما ذكرت.

  ودليل آخر: إما أن تكون عنيتَ بقولك: الحكمة قديمة، تريد قدم سببها الموجب لها، وإما أن تكون أردتها هي بالقدم في نفسها، فهذا باطل لما قدمنا من الدليل على حدثها، وإن كنت تريد سببها الذي أوجدها، فلعمري إن سببها قديم وهو خالقها وربها.

  ودليل آخر: لم يختلف أحد في حدث ظهور تمام هذه الحكمة، وإنما اختلف في سببها وأصلها وكيفية ظهورها وبيانها، فأجمع الكل أن سببها شيء قديم، ثم اختلفوا، فقال بعضهم: طبع موات، وقال بعضهم: رب حي، ففسد قول الملحدين الكفار الملاعين، لأن الموات لا يكون سبباً للحيوانات، وفسد قولهم أيضاً؛ لأن الموات ليس بحكيم والحكمة صفة للعليم، وفسد قولهم أيضاً؛ لأن الموات محدَث، وفسد قولهم أيضاً؛ لأن الجود صفة جواد والموات لا يعي ولا يعقل فكيف إلا أن يجود ويتكرم! والكرم والجود لا يكونان إلا من كريم، متفضل رحيم.

  ودليل آخر: إنما سميت الحكمة: حكمة، لأنها محكمة، والحكيم فهو المتقن المبرم، والإتقان والإبرام فلا يكونان إلا بعلم وإحكام، والعلم والإحكام