مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني،

الحسين بن القاسم العياني (المتوفى: 404 هـ)

كتاب شواهد الصنع والدلالة على وحدانية الله وربوبيته

صفحة 176 - الجزء 1

  فإن قلت: إنه فعل ذلك بخاطر فكر بعد جهل فهذا محال، لأن الخاطر من صفة مخلوق عاجز غير قادر، لأن الذكر عرض عارض لا يكون إلا في جسم متحرك أو ساكن، كل أو بعض، وكذلك النسيان فهو عرض يحل في القلوب، وذلك أولى ما ننزه عنه علام الغيوب.

  وإن قلت: إنه فعل ذلك وهو عالم أصبت، وكان ذلك أحسن ما ذكرتَ، وكان الموصوف بالعلم أولى مَن وصفت.

  فإن قال: من أين علمتم أنه قادر؟

  قيل له ولا قوة إلا بالله: لأنا نظرنا إلى الصنع فإذا هو مخترع من غير أصل ولا بداء، فعلمنا أنه من فعل قادر، لأن العاجز لا يصنع الشيء من غير أصل ولا بداء، وقد بينا في أول كلامنا حدث الأشياء من غير شيء، ولأن العجز عرض لا بد أن يكون في الكل والبعض، أو في الطول أو في العرض.

  فإن قال قائل: فكيف يعقل بعقل شيء ليس بجسم ولا عرض، ولا له كل ولا بعض، ولا طول ولا عرض؟

  قيل له ولا قوة إلا بالله: يُعقل بما أظهر من صنعه الجليل، الذي لا تمتنع منه العقول، ولا يوجد إلى دفعه⁣(⁣١) سبيل.

  فإن قال: فكيف يعتذر بأن لا نراه؟

  قيل له ولا قوة إلا بالله: اعلم أيها السائل أنا لو رأيناه لما عبدناه، وذلك أن الأبصار لا تقع إلا على مفترق أو مجتمع، ولم يستدل على الله إلا بالمفترق


(١) في (ب): إلى ذكره.