مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني،

الحسين بن القاسم العياني (المتوفى: 404 هـ)

كتاب شواهد الصنع والدلالة على وحدانية الله وربوبيته

صفحة 177 - الجزء 1

  والمجتمع، لأنهما محدثان، ولا بد للمحدَث من خالق أحدثه، ولا بد أن يكون بخلافه من جميع المعاني.

  فإن قال: فبم عرفته؟

  قيل له ولا قوة إلا بالله: بما هو أولى وأحق من الإبصار، وأصدق من جميع الأخبار.

  فإن قال: وما ذلك؟

  قيل له ولا قوة إلا بالله: ذلك العقل الذي لا يجوز عليه المحال، ولا يقبل ما فسد من المقال، فلو أدركنا صنع جميع الأشياء مشاهدة رأي أعيننا، لما كان ذلك أبداً مثل العقل عندنا، فالحمد الله الذي هدانا إلى معرفته، وعلَّمنا ما نستدل به على حكمته، ووهب لنا التمييز برحمته، فلقد جاد علينا من العقول بما لا نؤدي شكره.

  فالحمد لله الذي ضمَّن قلوبنا نوره، ونسأل الله أن يجعله آمراً لنا بالخيرات، وزاجراً عن السيئات، وأن ينجينا به من الموبقات، وينقذنا به من المهلكات، فكم محجوج به لم ينتفع بضياء بهجته، ولم ينف به حندس ظلمته، ولم يخرج به من معصيته، ولم يطلب به رضاء الله في آخرته، وصرفه في أهلك مهالكه، وسلك به شر مسالكه، فلعمري ما أُتِينا من قِبَل عقولنا ولكن من سوء أفعالنا وظنوننا، فنسأل الله المغفرة لما تقدم من ذنوبنا.