باب الرد على أهل الإلحاد في التولد
  القدم(١) وإذا جعلتها محدثة أزلية فسد قولك، لاستحالة كونها معاً في حال واحد كما ذكرنا.
  ودليل آخر على فساد هذا القول: أن كل شيء موجود بذاته محدَث وكل محدث له غاية في نفسه.
  ودليل آخر: أن لكل(٢) منهم - وإن كثر كون بعضهم من بعض - له نهاية وغاية، وعليه نعمة في كل تركيبة وبنية(٣) وحكمة، والنعمة لا تكون إلا من منعم، والحكمة لا تقوم إلا بمحكم، وما كان من الحيوانات منعَماً عليه، وكان في جميع أسبابه محسناً إليه، فيستحيل أن يكون غير متناهي، وأن يكون من غير أصل ولا بدء.
  ودليل آخر: أن كل ما احتمل الزيادة والنقصان فقد كان ناقصاً قبل زيادة ما زاد منه إلى غاية الزائد المتناهي إلى النقص، لأن الزائد لا يزيد إلا بعد النقصان، والنقصان متناهي بأبين البيان، لأن المنقوص محدود بأوضح البرهان(٤).
  ودليل آخر: أن كل ما كان له آخر فله أول، ويستحيل(٥) آخر بلا أول.
(١) ما بين المعكوفين زيادة في (ب).
(٢) في (أ): أن الكل. والصواب: أن لكل، وهو ما أثبتناه من (ب).
(٣) في (ب): في تركيبه وبنيته.
(٤) فإذا ضربنا مثلاً بالكون وبدايته فهناك الكثير من النظريات التي درست ذلك لعل أشهرها نظرية «هابل» التي اعتبرت أن الكون ما زال يتمدد وقد أثبت هذا العالم الأمريكي عام ١٩٢٩ بأن المجرات المكونة للكون تتباعد عن بعضها بسرعة (٥٠ - ١٠٠) كم/ث، وتزداد هذه السرعة بزيادة المسافة بين المجرات العديدة وإذا كان هذا الابتعاد يمثل تمدد الكون فإننا لا نملك إلا أن نسبح بقدرة خالقنا العظيم {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ٤٧}[الذاريات: ٤٧].
(٥) في (ب): ومستحيل.