كتاب الرد على الملحدين وغيرهم من فرق الضالين
  لا توجد منفردة(١) بذواتها، [ولو كانت] موجودة بأعيانها، لاستحال ذلك ولما أمكن(٢)، إذ المفرِّق الجامع لا يكون إلا حيّاً(٣).
  ودليل آخر:
  أنَّ الفاعل لا يكون إلا موجوداً قبل المفعول، وقد وجدنا هذه الطبائع بوجود(٤) المحدث، فعلمنا أن حال المحدثات سواء، إذ وجدن في حال واحد، وَعَدمنَ في حال واحد، لأن الطبيعة لا توجد قبل الجسم، والجسم لا يوجد قبل الطبيعة، والطبيعة فإنما هي عرض(٥)، والأعراض على وجهين:
  فمنها: أعراض حادثة(٦) بعد حدوث الجسم.
  ومنها: أعراض حدثت(٧) مع الجسم لم تسبقه ولم يسبقها.
  والأعراض فلا تسبق الأجسام أصلا، ولا تنفصل بأعيانها أبداً.
  فأما الأعراض التي حدثت مع الجسم فمثل الطبائع الأربع: الحر والبرد واليبس والرطوبة، ومثل الاجتماع والطول والعرض والحركة والسكون وكذلك(٨)، لأنه قد يستحيل أن يوجد جسم ليس برطب ولا يابس، وكذلك يستحيل أن يوجد جسم ليس بمتحرك ولا ساكن، ويستحيل أن يوجد جسم ليس بحار ولا بارد، فمن هاهنا قلنا: إن هذه الطبائع أصلية لم تحدث بعد
(١) في (ب): منفردة بذواتها ولو كانت منفردة بذواتها ... إلخ.
(٢) في (ب): لما أمكن أبداً.
(٣) في (أ): جزءاً. والصحيح ما أثبتناه من (ب): إلا حياً.
(٤) في (ب): مع وجود.
(٥) في (ب): إنما هي أعراض.
(٦) في (ب): حدثت.
(٧) في (ب): زيادة: حدثت.
(٨) في (ب): كذلك، ساقط.