كتاب الرد على الملحدين وغيرهم من فرق الضالين
  فيهما، وفساد قول من زعم أنها قديمة الحركات إلى ما لا نهاية له.
  والوجه الثالث: أنها في أنفسها مخلوقة أبان الله صنعه في إيجاده إياها.
  فإن قال: - وهو قائل لا شك - وما دلك على أنها مخلوقة؟
  قيل له ولا قوة إلا بالله: دلنا على ذلك إبانة صنعه فيها.
  فإن قال: وما إبانة صنعه فيها؟
  قيل له ولا قوة إلا بالله: وجوه شتى:
  أول ذلك تصويرها وإحكامها وتقديرها، ولا بد لكل صورة من مصوِّر، ولكل تقدير من مقدَّر، ولكل تدبير من مدبِّر.
  ودليل آخر: أنها لو كانت قديمة لما كانت في أوصافها مختلفة، فلما وجدناها مختلفة الأنواع علمنا أن لها مدبِّراً خالف بينها، وفصل بعض هيئاتها، وخالف بين صفاتها.
  ودليل آخر: أن في العالم آثار حكمة الصانع العالم، والحركات ليست بعالمة [ولا هي] حكيمة مدبرة(١)، ولا هي بحية مقدِّرة، لأنها علل متعلقة بأجسام النجوم غير متلاحقة، لا تعدو مواضعها من معلولاتها.
  ودليل آخر: على فساد قولهم: أن حركات النجوم ليس لها أول [عندهم]، وسنبين إن شاء الله فساد قولهم، وذلك أن ما(٢) قد مضى من حركاتها لا يحصى لكثرتها في طلوعها وأفولها وإقبالها(٣) وإدبارها، وما مضى فقد وقع
(١) في (ب): ولا هي لمدبرة حكيمة.
(٢) في (ب): وذلك ما قد مضى.
(٣) في (ب): إقبالها، ساقط.