كتاب الرد على الملحدين وغيرهم من فرق الضالين
  وجامعها، وهذه صفات المخلوقين الموهومين، ذوي الأماكن المدبَّرين، وربنا بخلاف خلقه.
  لأنه لا يقع عليه الفكر ولا يخطر على بال، لأنه ليس في مكان ولا بينه وبين خلقه مكان، لأن المكان لو كان بينه وبينهم لم يخل ذلك المكان من أن يقربه فيكون قريباً منهم، أو بعيداً فيبعده عنهم، ولو كان قريباً بذاته منهم لكان مقرَّباً لا بد له من مقرِّب قرَّبه! ولو كان بعيداً بذاته عنهم لكان مبعَّدا لا بد له من مبعِّد أبَعَّدهَ.
  ودليل آخر:
  أنه لو كان بينه وبين خلقه مسافة لم تخل تلك المسافة من أن تكون قاربت كله أو بعضه، وللكل والبعض نهاية وغاية، والله سبحانه ليس بذي كل ولا بعض، ولا طول ولا عرض، ولا فوق ولا تحت، ولا يمين ولا شمال، ولا خلف ولا أمام، ولا لون ولا طعم ولا رائحة ولا محسة(١)، ولا افتراق ولا اجتماع، ولا حركة ولا سكون، لأن هذه الصفات لا تكون إلا في الأجسام التي ذكرنا(٢)، والله خالقها وجاعلها.
(١) في (ب): مجسمة.
(٢) في (ب): إلا في الأجسام التي ذكرنا حدثها.