باب الدلالة على حدث الحيوانات ونهايتها
  وتدبيره، إذ هو ممتنع عن علمه وتقديره، فلما وجدنا الحيوانات ليست(١) ممتنعة من التدبير، ولا خَلِيَّة من الإحكام والتصوير، علمنا أنها بخلاف ما ذكرتَ، وأنها غير ما(٢) وصفتَ.
  فقولك: ليس لشيء من ذلك أول هو من أحوال المحال، وأفسد الفساد وأضل الضلال، لأن هذه الحيوانات لا تخلو من أحد وجهين في حال قدمها، وما ادعيتَ من أزلها:
  [١] إما أن تكون على ما ترى من إحكامها وتصويرها، ونعيمها وحياتها وتعميرها.
  [٢] وإما أن تكون ميتة جامدة، وساكنة لابثة هامدة.
  فإن قلت: إنها كانت على ما ترى من كمالها، وذلك(٣) دليل على حكمة خالقها وجاعلها.
  وإن قلت: إن أصول الحيوانات، كانت ميتة كسائر الجمادات، فمع(٤) موتها والحمد لله دليل على صانعها ومميتها، والممتن عليها بعد إماتتها لحياتها، والمظهر لصنعه في إحكام أدواتها، والمنعم عليها بكفايتها، والعالم بحاجتها إلى جميع آلاتها، والمتفضل عليها بعلمه بفاقتها.
(١) في (ب): غير ممتنعة.
(٢) في (ب): على غير ما وصفت.
(٣) في (ب): فذلك.
(٤) في (ب): ففي.