باب الصفات القديمة التي هي الله ø
  والأزمان.
  وإن كنت عنيت قدم الواحد الرحمن، فقدمه هو ذاته وذاته قدمه، وكذلك علمه قدرته وقدرته علمه، وكذلك القول في سمعه وبصره وحياته، أنها شيء واحد هو(١) الله ø.
  ألا ترى أن السمع هو العلم بالأصوات، وكذلك البصر هو العلم بالمبصرات، لا أنه كما قال أهل التشبيه ذو آلات، لما في الآلات والأدوات، من السكون والحركات، والحركة والسكون فمحدثان، وهما عن الله منفيان، لأنهما عرضان متداولان، وضدان متنافيان، لا يوجدان إلا في مفترق أو مجتمع، ولا يكون الافتراق والاجتماع إلا من مفرِّق جامع، وخالق فاطر صانع، وهذه صفات المحدثات التي لا تنفك من الأعراض، ولا تمتنع من الكلية والأبعاض، فهي غير ممتنعة من صنع صانعها، وتفريق مفرقها وجمع جامعها، فهي لا تعرف إلا بتقدير مقدرها، ولا تنفك من تدبير مدبرها، فجهاتها تدل على غايتها وانقطاعها، وإكمال صنعها وابتداعها، وحدودها يدل على محددها، وعددها يدل على معددها، وأدواتها تدل على فاقتها.
  والتفضل بذلك يدل على رحمة صانعها، فتعالى الله مولانا وسيدنا وربنا وخالقنا عما يقول المفترون، وتقدس عما يتفوه به العاذلون، وينسب إليه الظالمون.
(١) في (ب): فهو الله.