مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني،

الحسين بن القاسم العياني (المتوفى: 404 هـ)

[أفعال الجمادات وبطلانها]

صفحة 320 - الجزء 1

  لأن الأغذية لا تعقل عجائب التدبير، ولا يتم إصلاح الأمور بالأمور وعجائب الحكمة والتصوير إلا بالله العليم الخبير.

  ألا ترى إلى ما صنع الله من غذاء الأشجار، بما نزل في الأهوية من الأمطار، وأجرى من العيون والأنهار، وصلاح الحيوان والثمار، جعل في الأشجار مداخلاً للمياه، بمنزلة الحلوق والأفواه، فجعل لكل حبة من الثمار [مسقي وجعل] للماء طريقاً، وأجرى ذلك بلطفه في العروق، وجعلها منزلة الحلوق، وليس من طبع الماء أن يصعد علواً، ولا يسمو إلى أعالي الأشجار سمواً، وإنما طبع الماء على النقل والانحدار، وعلى الثبات في الأرض والقرار، فلما رأيناه يصعد إلى سوامق الأغصان، علمنا أن ذلك من الواحد الرحمن.

  وكذلك فعل سيدنا عيسي ÷ فليس منه وإن نسب إليه، وإنما فعله الحركات والسكون والضمير، والتقليب للطين والتقدير، وعلى ذلك فلا يوجب الحياة بعد الممات، ولا يوجد الأرواح في الجمادات، وكذلك سكونه وحركاته، فلا [يردان] إلى الميت حياته، ولا يكون رد الحياة والروح أبداً من فعل الطاهر المسيح.

  فإن عارض بعض الملحدين أن يوجد النطف من غير الأصلاب والأرحام، ليكون ذلك أبين للأنام، وأنفى للشبهة والأوهام، ويوجد الزرع في الأرض يبساً، ويحيي الموتى على غير يد عيسي.

  قيل له ولا قوة إلا بالله: لأن الله سبحانه إذا [أراد] يبين حكمته وإظهار إحسانه ونعمته، فجعل كل معنى من خلقه لمعني، ماصنع ربنا ولا يجعل