مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني،

الحسين بن القاسم العياني (المتوفى: 404 هـ)

[اختلاف الناس في الطبائع]

صفحة 332 - الجزء 1

  فالجواب في ذلك وبالله نستعين: إن إهلاك أصحاب الأخدود كان بظلم أهل الكفر والعنود، ولم يكن ذلك من الله الواحد المجيد، فأما النار التي أحرقتهم فلم يحرقهم الله بها، وإنما أحرقهم الذين ألقوهم فيها، وإنما يعذبهم الله على حركتهم، وطرح أولياء الله في النار وإسقاطهم، وجرأتهم على الله في هلاكهم؛ فأما الإحراق في نفسه فهو من طبيعة النار التي كمّنها الله وجعلها في الأشجار، فتناولها أعداء الله للأبرار، وذلك الحر فعلٌ فعله الله وجعله، وصنعه للمنافع ونزله، فصرفه أعداء الله في غير طاعته، وقلبوه في سخطه ومعصيته.

  وهو لا يخلو من أحد أوجه لا بد منها، ولا منصرف أبداً في المعقول عنها:

  [١] إما أن يكون الله هو الذي أحرق أولياءه في النار.

  [٢] وإما أن تكون طبيعة الحرارة من فعل الفجار الظلمة الخونة الأشرار.

  [٣] وإما أن يكون ذلك من فعل النار.

  [٤] وإما أن يكون لا من فعل الله ولا من فعل الكافرين، ولا فعل الطبيعة الكامنة، ولا من فعل المقتولين.

  فإن قلت: إن الله هو الذي قتل المؤمنين؛ فهذا ما لا يجوز على رب العالمين، ولا ينسبه إليه أحد من المسلمين. وإن قلت: إن ذلك الإحراق من فعل الكافرين، فهذا ما لا يقول أحد يعقل من الناس أجمعين لأن الكافرين لا يقدرون على فعل الإحراق، لأن الحرارة بطبيعة من فعل الواحد الخلاق، وإنما فعل أعداء الله الحركة والسكون والضمير، والطرح لأولياء الله في النار والسعير.