مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني،

الحسين بن القاسم العياني (المتوفى: 404 هـ)

[أوجه الإرادة]

صفحة 352 - الجزء 1

  ولولا أن الله أدبهم بالمحن لغفلوا ولما وعوا أبداً ولا عقلوا، فأي محنة أجل من محنته وأحسن من لطفه ومودته، وأما ما ينال أولياء الله من كيد أعدائه فلم يرض به الله في أوليائه، ولو رضي بالكفر وندب إليه أو أمر به لما عذب عليه، وكيف يعذب عباده على ما قضى، أو يذم ما اختار وارتضي!

[أوجه الإرادة]

  وإنما الإرادة على وجوه معدودة وأسباب معاينة مشهودة:

  فمنها إرادة الشهوة والضمير، وما يتعالى عن ذلك اللطيف الخبير، وهذه الإرادة فلا توجد إلا في القلوب، وذلك فيتعالي عنه علام الغيوب.

  والوجه الثاني: إرادة الأمر بالطاعة والهدى.

  والوجه الثالث: إرادة النهي عن الضلالة والردي.

  والوجه الرابع: إرادة خلق الأجسام وما فيها من النقص والتمام.

  فهده وجوه الإرادة، فأين إرادته للكفر الذي زعمت، أوجدنا ذلك لتعرف ما ذكرت.

  فإن قال: إنه أضمر الكفر، شبه الله بالإنسان وقذفه بالبهتان.

  وإن قال: إن أرادته للكفر هي إرادة نهي وأمر، فالله يأمر بالعدل والإحسان، وينهى عن الجور والعدوان.

  وإن قال: إرادته للكفر هي الأجسام فهذا ما لا يقول به مجانين الأنام؛ لأن الكفر لا يسمى جسماً، ولا يدعي لوناً ولا طعماً.