مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني،

الحسين بن القاسم العياني (المتوفى: 404 هـ)

[علامات الحكيم]

صفحة 364 - الجزء 1

  المبصرة المنجية من الجهل والحيرة، كما لا يدفع الهلاك في مهاوي العقاب ومجهول الآثار إلا بأهلها، ومن هو سالم من حيرتها وجهلها، وكما لا يسلم في القتال ومنازلة مساعير الأبطال، إلا من استعد واحتجا بأحصف اللباس، وادفعه لما يكره من البأس، ومن أراد أن يظفر من العلوم بأشدها وأعظمها وأقربها إلى الله وأكرمها فليعتمد على ما وصفنا من التوحيد والذب عن دين الله الواحد المجيد، ولا يطلب من العلم إلا ما ينجو به من العذاب ويقربه إلى رحمة رب الأرباب، ولا يلتفت إلى هوى النفس وترهاتها، ومحبتها للمدح وشهواتها، فإن أكثر الناس لا يرى من العلوم إلا ما يدلي من القضاء والرئاسة والرفعة والسياسة، والعلم لا يحاط به لكثرته وسعته، والعمر لا يحتمل الإحاطة بالعلم لقلته، فاقصدوا رحمكم الله من العلوم أعظمها خطراً وأجلها قدرا، ولا تنبسطوا إلى من يريد بحديثه الرياء ويميل إلى زهرة الدنيا، ولا تكبروا عن طلب العلم، فالإنسان أقل من الكبر والدنيا اقل من الذكر.

  وقد سمعت في الرواية عن أمير المؤمنين عليه صلوات رب العالمين أنه قال: (أوصيكم بخمس لو ضربتم إليها آباط الإبل لكانت لذلك أهلاً: لا يرجونّ أحدٌ منكم إلا ربّه، ولا يخافنّ إلا ذنبه، ولا يستحينّ أحد منكم إذا سئل عما لا يعلم أن يقول: لا أعلم، ولا يستحينّ أحدٌ إذا لم يعلم الشيء أن يتعلّمه، وعليكم بالصبر فإن الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد، ولا خير في جسد لا رأس معه، ولا في إيمان لا صبر معه)⁣(⁣١).


(١) نهج البلاغة (٤٨٢).