مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني،

الحسين بن القاسم العياني (المتوفى: 404 هـ)

[الحكمة في مراحل خلق الإنسان]

صفحة 375 - الجزء 1

[الحكمة في خلق الدواب]

  فإن سأل فقال: ما عدل ربكم في خلق هذه الدواب والهوام التي تموت كثير منها تحت الأقدام، ويأكل بعضها بعضاً في جميع الأيام، ويعادي بين كثير منها ولا رحمها ويغري بعضها ببعض ويعمها.

  قيل له ولا قوة إلا بالله: ذلك عدل من الله ورحمة للآكل والمأكول، وثواب عظيم جليل لذلك المقتول، لا ينكر ذلك أحد من ذوي العقول؛ لأنه خلص البهائم من ألم التكليف، وأثابها على القتل والذبح بالمحل الشريف، وكان ذلك الذي غيب من محن التخفيف، والرحمة والكرم والعدل الحنيف، ولو أماتها بلا تعب لكان ثوابها قليلاً، ولما كان في القسمة عظيماً جليلاً؛ لأن الحكيم فرق بين كل فاضل ومفضول، وقسم بحكمته كل دقيق وجليل، وفرق بين التفضيل والواجبات لعدله وتفريقه بين مفترق الحكومات وخالف بين محن جميع الحيوانات لأسباب عجيبة علمها من المكنونات.

[الحكمة في مراحل خلق الإنسان]

  فإن قال: فما عدله وحكمته في خلقه لبعض الأحمال، فإذا ابتدأ أوله أسقطه مضغة قبل حين الكمال؟! وهل من صفة الحكيم أن يريد خيراً ثم يتركه أو يبني بناء ثم يهدمه أو يزرع زرعاً فيقطعه قبل صلاحه أو يعمل عملاً فينقضه قبل نجاحه؟!

  قيل له ولا قوة إلا بالله: إن هذا الذي عنيت شيء عجيب يفهمه عن الله كل أريب لبيب، وذلك أن الله سبحانه رحم هذه المضغة من تعب الدنيا ومحنها وخلصها من نكبات الدنيا وفتنها، فأسقطها قبل معرفة الأيام ليتمها