كتاب الأسرار
  عن العطاء لفقراء المومنين وغيرهم من المؤلفة المجرمين الذين لا يتبعون الحق والمحقين إلا بالأجرة التي يكونون عليها معذبين، فأما هو في نفسه ~ وعلى آله الطاهرين وسلم ومن كان مقتدياً به من الأئمة السابقين، فمعاذ الله أن يكونوا من التاجرين وحاشا الله أن يأمرهم بذلك أو يرضي لهم أن يكونوا في الإنفاق كذلك؛ لأن الله رفعهم على جميع المسلمين، وفرق بينهم وبين عباده المؤمنين، فلم يرد لهم أن [يتاجروا](١) فيما يروه أحداً من المخلوقين، فقال رسول الله ~ وعلى آله وسلم: «إني لعنت الإمام يتجر في رعيته»(٢) أي مثل رعيته؛ لأن التجارة لا تليق بأهل الشرف العظيم والمغرس المهذب الطاهر الكريم، ولقد رأيت القاسم بن علي(٣) ~ وعلى آله الطاهرين مع ملكه لكثير من البلاد وقدرته على ما لا يقدر عليه اكثر العباد لا يحمل بيده فضة ولا ذهباً، وكان يرى ذلك عاراً وفضيحة وعيباً، ولقد توفي ~ فما وجدنا له ديناراً ولا درهماً، وكذلك الهادي(٤) إلى الحق ~ ما وجد له عند موته كفن، وكل ذلك زهد منهم في الحطام، وإهانة منهم للحلال مع الحرام، وإبعاد لأنفسهم عن مشابهة اللئام، وتنزيهاً من الدناءة والآثام، وخوف الله ذي الجلال والإكرام، والدنيا أقل وأحقر من أن يدنس بها عاقل عرضه، فكيف يهين بذلك دين الله وفرضه.
(١) ما بين المعكوفين غير واضح في المخطوطة ولعلها ما أثبتنا. والله أعلم.
(٢) أخرجه الإمام زيد بن علي # في (المجموع الحديثي والفقهي) ص ١٧٨ رقم (٣٢٢).
(٣) والد المؤلف، تقدمت ترجمته.
(٤) تقدمت ترجمته.