كتاب الرحمة وابتداء الله تعالى بالنعمة
  والوجه الآخر: فهو لطف الأجسام ودقتها وصغرها ولينها ورقتها، فأما الصغر فلا بد له من مصغر نقصه وألطفه وأدق خلقه وأتحفه، وألانه كما شاء وأرهفه، وهذه صفات المصورين وتدبير أجسام المدبرين.
  وأما اللطف في الأمور ودفع الآفات والشرور فذلك من صفات الواحد القدير، العالم السميع البصير، فمن ذلك اللطف الذي ذكرنا وبه في الله قلنا، ما جعل في خلقه من المصالح، التي في الأبدان والجوارح، ومن لطفه ورحمته بعباده ما بسط لهم من الأرزاق في بلاده، ومن ذلك ما جعل من غذاء الأطفال بلطفه لما علم من فاقة الطفل وضعفه، فألطف له الغذاء في حال صغره ثم أغلظ له الغذاء لكبره، فلطف له في كلا الحالين، ورحمه بهذين الغذائين، وعطف قلوب الآباء والأمهات على الأطفال بالمن والجود منه والإفضال، فلما أغناهم عن الرضاع بالفصال خفف بذلك عنهن بعض أحوالهم، ولطف لهن بفصالهم، ثم لطف للأطفال بكبرهم وأنماهم بعد صغرهم، وقواهم بعد ضعفهم، وافترض عليهم بعد كمالهم مكافأة أمهاتهم وآبائهم بالطاعة والبر إن كانوا مؤمنين، وبما افترض عليهم موقنين، وافترض عليهم أن يستغفروا لهم ولا يغلظوا في القول لهم، فنسأل الله أن يغفر لنا ولمن ولدنا من المؤمنين.
  اللهم فاخصص بصلواتك ورحمتك وبركاتك ومغفرتك عبدك ورسولك ووليك ونبيك البر الزكي الطاهر النقي محمداً خاتم النبيين وأهل بيته الطاهرين.
  اللهم يا مولاي وأحسن عنا جزاه وأكرم في الجنة مثواه، ووال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله.