[دواء القلوب]
  وإن كان يعجب بشجاعته، فكيف [يعجب](١) ويله لجرأته، وهو يضعف عن القملة لعجز بنيته، حتى ربما شغلته ومنعته، من الفكر وقطعته.
  وإن كان يعجب بنفسه لكثرة علمه، وجودة تمييزه وفهمه، فكيف يعجب بنفس تجهل أكثر مما علمت، ولا تدري متى يحل بها ما كرهت، ولو علمت كل علم في الدنيا لما سلمت، وأن العلم يزول إذا عطبت.
  فأول مَن فخر، وأعجب بنفسه واستكبر، إبليس، الكافر النجس الرجس، فمن اقتدى بفعله(٢) فقد فعل فعله، وصار بذلك في حكم الله مثله، وذلك أنه فخر بالنار على الطين، وذلك فليس من فعل اللعين، وإنما فخر بالنار لحدتها وضرامتها، وعلوها في الأهوية وخفتها، وما هي عليه من قوة بنيتها، وذلك فإنما هو فعل الله لا فعله، وتقدير الله لا تقديره، وحكمته وفضله.
  فأما العباد فخيرهم أكرمهم طباعاً، وأسبقهم إلى طاعة الله إسراعاً، لا ينظر في الخيرة إلا إلى أفعالهم، ولا يفضلون بغير أعمالهم.
  وقد رأينا من الناس من يتكبر على الجهل وهو لا يعلم، ويحمله الكبر أن [لا](٣) يقول: الله أعلم، ولو قتل الإنسان نفسه في طلب العلم قتلاً، لما برح ولا زال مع معرفته جاهلاً، فاحفظوا رحمكم الله وتفهموا(٤)، ولا تغفلوا عن ذلك، واعلموا أن الله سبحنه نقص العباد بأنواع من الشرور، لما في نقصهم
(١) زيادة من (ج).
(٢) في (ج): به.
(٣) زياده في (ج).
(٤) في (ج): وافهمو.