كتاب مختصر في التوحيد
  
  سألت يا أخي أرشدني الله وإياك للتقوى، وجعلك رشيداً مُرشداً، عن الإرادة، فقلت: هل بين إرادة الله لجميع ما خلق فرق وإرادته لتغييره؟
  وقلت: إني قلت وغيري إن إرادة الله لا تسبق مراده، وقلت: إن الله ø قد أخبرنا بالموت والبعث والثواب والعقاب والجنة والنار.
  وقلت: كيف يخبر عن شيء لم يرده بعد أو كيف يريد شيئاً لم يفعله بعد وأنت تعلم أن الفعل هو إرادة الله للمفعول وأنت تعلم أن الإرادة لا تقع إلا بالفعل، والفعل لا يقع إلا بالإرادة مع الضمير وذلك عن الله منفي.
  الجواب: اعلم يا اخي أرشدك الله أنه لا فرق بين إرادة الله في الفناء والإنشاء؛ لأنه كله فعل لما أراد أفناه أو أنشاه؛ لأنه كله فعل، وإنما اختلفت إرادته لسبب أعرفك به، وهو مثل إرادته للأرض فذلك اختراع للكل، وأما إرادته لتبديلها فذلك تغيير بعض صفائها وليس إفناء الشيء وإبطاله كله، مثل تبديل صفته، فمن هذا الوجه جاء الفرق لا من غيره، فاعلم ذلك وقس عليه ما أشبهه إن شاء الله.
  وأما إرادة الله ø للموت والبعث والثواب والعقاب والجنة والنار، فلا يخلو من أحد وجهين:
  [١] إما أن يكون موعداً من الله أخبرنا ما علمها أنه سيكون من فعله وإرادته.
  [٢] وإما أن يكون ضميراً لم يفعله بعد.