مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني،

الحسين بن القاسم العياني (المتوفى: 404 هـ)

كتاب مختصر في التوحيد

صفحة 482 - الجزء 1

  فإن قلت: إنه ضمير، فهذا يستحيل عن الله سبحانه؛ لأن الضمير والنية عرض من صفات الأجسام، والله ليس بجسم تحله العلل؛ لأنه لو كان جسما لم يعُد من أن يكون مفترقاً أو مجتمعاً، والمفترق مفصّل لابد له من مفصِل، والمجتمع موصل لابد له من موصل، والله مفرق الأشياء وجامعها ومفتطرها وصانعها، وفي نفي التجسيم من الأدلة ما لو شرحناه لطال به الكلام، وفيما ذكرنا كفاية إن شاء الله تعالى.

  وإن قلت: إن ذلك موعد من الله لم يرده بعد فذلك الحق وليس قولنا: إن الله لم يرده نفياً لما وعد وإنما معنا قولنا: لم يرده، أي: لم يخلقه، وكذلك قولنا: إن الله يريد عقاب الكافرين وثواب المؤمنين، إنما نريد به أن الله سيريد يوم القيامة، ولسنا نقول إنه اليوم مريد لذلك على التحقيق، وإنما نريد أنه سيفعل؛ لأن الإرادة هي فعله لما أراد، ولو كان اليوم مريداً لكان فاعلاً، ولو كان فاعلاً لكانت الآخرة في الدنيا، وهذا فاسد.

  فإن قال: فإذا قلتم أنه لا يريد ثواب المؤمنين وعقاب الكافرين فقد نفيتم إرادته.

  قيل له ولا قوة إلا بالله: مسألتك هذه تحمل ثلاثة أوجه:

  [١] إما أن يكون عنيت الثواب والعقاب بأنفسهما في دار الدنيا.

  [٢] وإما أن يكون عنيتهما في دار الآخرة.

  [٣] وإما أن يكون عنيت الضمير في الدنيا، والفعل غداً.

  فإن كنت عنيت ذلك الفعل من الله في الدنيا فهذا باطل لا يقول به عاقل ولا جاهل، وإن كنت عنيته في الآخرة فذلك مرادنا وبه اعتقادنا، وعليه كلامنا، وإن كنت تعني أنه سبحانه يضمر فهذا ما لا يليق بالله ولا يجوز عليه لما قدمنا.