مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني،

الحسين بن القاسم العياني (المتوفى: 404 هـ)

باب الدلالة على معرفة الله سبحانه

صفحة 500 - الجزء 1

باب الدلالة على معرفة الله سبحانه

  قال #: إن سأل سائل فقال: ما الدليل على معرفة الله سبحانه؟

  قيل له ولا قوة إلا بالله: الدليل على معرفته ما صنع وخلق من بريته وأقرب الأدلة إلى الإنسان نفسه، وذلك أنا وجدنا الإنسان نطفة من ماء مهين، ثم رأيناه بعد ذلك مؤلفاً مركباً موصلاً مفصلاً محكماً مُدَبَّراً، فعلمنا أن له مُدبِّراً خالقاً إذ لابد لكل تدبير من مدبر ولابد لكل تأليف من مؤلف، ولابد لكل تفصيل من مفصل، ولابد لكل توصيل من موصِّل، ولابد لكل حكمة من محكم، كما لابد لكل بناء من بان، ولابد لكل كتاب من كاتب، وكما لابد لكل أثر من مؤثر.

  والدليل على حكمة الله في صنعه الإنسان: أنا نجده أجزاء وأصنافاً، وكل صنف منه قد جعل لشيء بعينه، ولا يجعل الشيء لصلاح الشيء إلا عالم، وذلك مثل المفاصل التي جعلت للحركة، ومثل المداخل والمخارج للأغذية، ومثل العقل الذي جعل للتمييز بين الأمور، واجتلاب الخيرات ونفي الشرور، ومثل العين التي جعلت للنظر، والأذن التي جعلت للسمع، واليد التي هي للبطش، والرِّجل التي جعلت للخطو والمسير، وغير ذلك مما لا يحصى من التدبير، ومثل خلق الأنثى للذكر، وما فطر عليه من ذلك جميع البشر، ففي هذا والحمد لله من بيان الحكمة ما لا ينكره منكر، ولا يتحير فيه متحير.