[بطلان القول بقدم الهواء]
  فأول ما نذكره مَن جحده بعمى فكره الضال فقال: ما الفضاء؟
  قيل له ولا قوة إلا بالله: هو الهواء، المكان الذي فيه الأشياء(١)، والموجود عندنا فهو كل ما سميّ وقصد، والعدم فيستحيل أن يوجد، فلو كان الفضاء عديماً لما استحق ذكراً ولا اسماً، وأيضاً فإنا نجده ظرفاً والعدم لا يستحق وصفاً.
  وإن أمسك عن السؤال وجحد فعل الله بالمقال.
  قيل له ولا قوة إلا بالله: أخبرنا عن المعدوم، هل يوصف أو يحس فيدرك أو يعرف؟
  فإن قال: نعم، جعل العدم وجوداً واستغني بجهله عن مناظرته، وإن رجع عن ضلالته وكفره وعمايته فقال: لا يوصف العدم ولا يعرف.
  قيل له: فأخبرنا هل بين الأرض والسماء مسافة أم لا؟
  فإن قال: لا، بان جهله، وكابر لبه، وأنكر عقله، ولم يناظره بعد ذلك إلا مثله.
  وإن قال: نعم، فقد أقر بالمسافة صاغراً.
  ودليل آخر: يقال له: أخبرنا عن أعلى المكان الذي بين السماء والأرض
(١) مثل استخدام العقل وتقديمه عند أئمة الزيدية بشكل متزايد آفاقاً رحبةً، حيث أن الاستدلال بكثير من الظواهر بغرض الوصول إلى توحيد الباري أفرز الكثير من المداخل العلمية التي تصلح أن تكون نوى لكثير من العلوم (فلك، وفيزياء ...) فللإمام علي # قراءته للكون، وللإمام القاسم بن إبراهيم # في مناظراته كثير من الومضات كذلك الإمام أحمد بن سليمان # فقد أثبت الكثير من أسرار الصوت وكيفية انتقاله وكذلك تحدث حول كروية الأرض واستدل على ذلك منطقياً، وصولاً إلى قمة النضج العلمي عند المهدي أحمد بن يحيى المرتضى # حين تناول كروية الأرض بشكل جملة خبرية مسلم بها (والأرض كروية ...).