مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني،

الحسين بن القاسم العياني (المتوفى: 404 هـ)

باب الدلالة على حدث الأجسام

صفحة 81 - الجزء 1

  فيا عجباً لأطفال البهائم العجم، التي لا تعي ولا تعقل كباراً فكيف بالصغار، كيف اهتدت لأماكن أغذيتها؟ أجل: إن ذلك لمن غيرها لضعفها وصغرها حتى كأن قد علمت ذلك علمأ يقيناً أو أجبرت عليه أو قيدت قوداً إليه، ولما علم الله ø ما ركب من خلقه وجبل، وما نزل من الأرزاق وجعل، علم أن تلك الأغذية لا تتم إلا بالوصول إلى الأجساد ومباشرة البطون والأكباد فجعل سبحانه لذلك مسلكاً فأوصله وركبه لعلمه بفاقتهم وجعله، ثم بسط الرزق ونزله.

  فكم مخلوق عجيب الخلقة خلقه ومرزوق لا يحمل رزقه، فالحمد لله الذي تفضل علينا بنشأته وخلقه، وبسط لنا الكفاية من رزقه، ثم علم ø بما خلق وفطر، وجعل من الحكمة ودبر، وعلم بفاقة المخلوق إلى مخارج الأغذية التي لولا مخارجها لما لبث المخلوق حياً، ولا بقي من الدهر شيئاً إلا وقتاً يسيراً، ثم تصير نعمته عليه تهلكة وتدميراً، فجعل سبحانه لما علم بموالجه مخارجاً لفاقة المخلوق إلى مخارجه.

[خلق الحواس وحجة العقل والرسول]

  ثم جعل للمتعبدين عقولاً، لتكون لهم عليه دليلاً، فسبحان من دلنا إلى معرفته، وجعل لنا العقول برحمته، ثم جعل لنا حواساً خمساً عيناً، وسمعاً، وذوقاً، وشماً، ولمساً فجعل العينين لدرك الهيئات، والأسماع لدرك الأصوات، والذوق لدرك المطعومات، والشم للروائح المختلفات من الخبائث والطيبات، وجعل اللمس لدرك الأعراض المجسمات من الحر والبرد واللين