مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني،

الحسين بن القاسم العياني (المتوفى: 404 هـ)

كتاب الرد على عبدة النجوم وغيرهم من فرق الملحدين

صفحة 94 - الجزء 1

  ولا يخلو الفعل فيما ذكرنا من صنع الله في الحيوانات، وما ركب في الأجسام من الآلات والأدوات، والآيات المحكمات النيرات، من أن تكون شاهداً على أنها من حكيم، أو شاهداً على أنها من غير حكيم، أو غير شاهد على شيء من ذلك، فإن كان شاهداً على أن الحكمة من غير حكيم، أمكن أن يشهد على علم من غير عليم، وحلم موجود من غير حليم، وإن شهد بذلك لم يُسمَّ عقلاً، ولخرج من الصحة فعاد⁣(⁣١) جهلاً، لأن العقل لا يجوز عليه شيء من المحال، ولا يقبل ما فسد⁣(⁣٢) من المقال، وإن لم يشهد على شيء من ذلك خرج من تمييز الأمور ولم يفرق بين الخيرات والشرور، وإذا خرج العقل من التمييز فهو زائل فاسد، وما كان من العقول فاسداً، لم يكن عدلاً ولا شاهداً، وإن شهد على أن الحكمة لا تكون إلا من حكيم، صح ذلك، لأن الحكمة لا تهيأ إلا من عليم⁣(⁣٣).


(١) في (ب): وصار.

(٢) في (ب): ما يشهد.

(٣) قال السيد العلامة بدر الدين الحوثي حفظه الله تعالى معلقاً: لعل الطبائعية ظنوا أنهم علموا ما لم نعلم لأنهم يرون المسببات توجد تبعاً لوجود أسبابها كالزرع ينبت عند جعل البذر في التراب والسقي بالماء بشرط أن يكون البذر على حالته الأصلية لم ينضج بالنار ولا تسوس وأن يكون الماء غير ملح أجاج، وأن يكون التراب غير سبخة، فدلّ ذلك على معنى في البذر ومعنى في الماء العذب ومعنى في التراب السليم، وهذا المعنى هو ما يعبرون عنه بالطبع، فوجود الزرع عندهم بالطبع، والجواب أنكم فرحتم بما عندكم من العلم، وهذا الذي ذكرتم ليس دليلاً على عدم الخالق بل هو دليل على الخالق المدبر الذي خلق التراب وجعل فيه المعنى وخلق الماء العذب وجعل فيه المعنى وخلق البذر الأول وكل بذر وجعل فيه المعنى، ألا ترون أنكم تفخرون بما تصنعون من الأسلحة والآلات، ولو قيل لكم: ليس لكم مفخر لأنه ناتج عن الورشات والمصانع لقلتم: إنا نحن صنعنا الآلات لأنا صنعنا مصانعها وورشاتها ودبرنا لكل آلة مصنعاً معيناً ينتج ما صنع له فكذلك فهمتم صنع الآلات والأسلحة أنه صنعكم بواسطة المصانع ولم تفهموا أن الزرع صنع الله بواسطة ما صنع من التراب والماء والبذر. تمت.