شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[الثالث من المعارف: اسم الإشارة]

صفحة 122 - الجزء 1

  صاحبة، كقولك: «ذات جمال» أو بمعنى التي، في لغة بعض طيئ، حكى الفراء «بالفضل ذو فضّلكم اللّه به، والكرامة ذات أكرمكم اللّه بها»: أي التي أكرمكم اللّه بها؛ فلها حينئذ ثلاثة استعمالات⁣(⁣١)، وخمسة مبدوءة بالتاء، وهي: تي، وتهي - بالإشباع - وته بالكسر، وته - بالإسكان، وتا.

  ولتثنية المذكّر: ذان - بالألف رفعا، كقوله تعالى: {فَذانِكَ بُرْهانانِ}⁣(⁣٢) وذين - بالياء جرّا ونصبا، كقوله تعالى: {رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ}⁣(⁣٣).

  ولتثنية المؤنث: تأن؛ بالألف رفعا، كقولك «جاءتني هاتان» وهاتين، بالياء جرّا ونصبا⁣(⁣٤)، كقوله تعالى: {إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ}.


(١) الاستعمالات الثلاث هي: الإشارة بها إلى المفردة المؤنثة، ولا أحفظ له شاهدا والثاني: استعمالها بمعنى صاحبة، نحو قول الشاعر:

أمن أجل أعرابيّة ذات بردة ... تبكّي على نجد وتبلى كذا وجدا؟

والثالث: استعمالها اسما موصولا بمعنى التي، كالمثال الذي ذكره المؤلف، والذي نسب حكايته عن العرب للفراء، وبقي لها استعمال رابع لم يذكره المؤلف، وهو أن تكون اسما بمعنى حقيقة الشيء وماهيته، تقول:

ذات الإنسان أنه حيوان مفكر، تريد أن هذه حقيقتة وماهيته، وقد استعملت في معنى نفس الشيء؛ فقيل: هذه ذات متميزة، وهذه ذات محدثة، ونسبوا إليها على لفظها؛ فقيل: هذا عيب ذاتي، يريدون أنه راجع إلى نفس المعيب وطبيعته وجبلته، وأنكر قوم هذا الاستعمال، وليس إنكارهم بسديد، وارجع إلى المصباح المنير.

(٢) من الآية ٣٢ من سورة القصص.

(٣) من الآية ٢٩ من سورة فصلت، وتمثيل المؤلف بهذه الجملة لاسم الإشارة إلى المثنى المذكر المنصوب سهو؛ لأن «اللذين» اسم موصول، وليس اسم إشارة، والتمثيل الصحيح بقوله تعالى: {إِنْ هذانِ لَساحِرانِ} من الآية ٦٣ من سورة طه في قراءة من قرأ بتشديد إن.

(٤) عبارة المؤلف تميل إلى اعتبار «ذان وذين» و «تأن وتين» مثنيين حقيقة، وهو رأي ضعيف عند المحققين من علماء العربية، والصحيح عندهم أنها ألفاظ مبنية جيء بها على صورة المثنى، ووضع ذو الألف للاستعمال في حال الرفع وذو الياء للاستعمال في حال الجر وحال النصب، كما وضعوا ألفاظا مختلفة من الضمير وجعلوا لكل لفظ منها موضعا، نحو «أنا وأنت وهو» للاستعمال في حال الرفع، و «إياك» وأخواته للاستعمال في حال النصب، وإنما قلنا إن هذا الرأي هو الصحيح لثلاثة أسباب:

الأول: أن علة البناء موجودة في أسماء الإشارة كلها.

الثاني: أن «ذان» ليس مبنيا على مفرده؛ إذ لو ثني مفرده لقيل: ذيان كما يقال في تثنية فتى: فتيان.

الثالث: أن من شرط الاسم الذي يراد تثنيته أن يقصد تنكيره كما ذكرنا في بحث المثنى، وقد علم أن أسماء الإشارة لا تقبل التنكير بحال من الأحوال.