شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[أحكام الفاعل]

صفحة 205 - الجزء 1

  الفعل المسند إليه ليس مقدّما عليه، بل مؤخرا عنه، وإنما هو مبتدأ، والفعل خبر⁣(⁣١).

  وخرج بقولي: «بالأصالة» نحو: «زيد» من قولك: «قائم زيد»؛ فإنه وإن أسند إليه شيء مؤول بالفعل، وهو مقدّم عليه، لكن تقديمه عليه ليس بالأصالة؛ لأنه خبر؛ فهو في نية التأخير.

  وخرج بقولي: «واقعا منه - إلخ» نحو: «زيد» من قولك: «ضرب زيد»؛ فإن الفعل المسند إليه واقع عليه، وليس واقعا منه ولا قائما به.

  وإنما مثلت الفاعل ب «قام زيد»، و «مات عمرو» ليعلم أنه ليس معنى كون الاسم فاعلا أنّ مسمّاه أحدث شيئا، بل كونه مسندا إليه على الوجه المذكور، ألا ترى أن عمرا لم يحدث الموت، ومع ذلك يسمّى فاعلا.

  * * *

[أحكام الفاعل]

  وإذا عرفت الفاعل، فاعلم أن له أحكاما:

  (١) أحدها: أن لا يتأخّر عامله عنه؛ فلا يجوز في نحو: «قام أخواك» أن تقول: أخواك قام، وقد تضمن ذلك الحد الذي ذكرناه، وإنما يقال: أخواك قاما، فيكون أخواك مبتدأ، وما بعده فعل وفاعل، والجملة خبر.

[لا يلحق عامله علامة تثنية أو جمع]

  (٢) والثاني: أنه لا يلحق عامله علامة تثنية ولا جمع: فلا يقال: «قاما أخواك» ولا «قاموا إخوتك» ولا «قمن نسوتك»، بل يقال في الجميع: «قام» بالإفراد، كما يقال: «قام أخوك» هذا هو الأكثر، ومن العرب من يلحق هذه العلامات بالعامل: فعلا كان، كقوله عليه الصلاة والسّلام: «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار» أو اسما


(١) يريد الفعل مع فاعله: أي الجملة، لكن لما كان الفاعل ضميرا مستترا، والفعل مذكور في الكلام، وهو الجزء الأهم، نسب الحكم إليه، وسيأتي بعد سطور بقول المؤلف مثل هذه العبارة على وجهها المستقيم الواضح.

ومن هذه البابة قول الشاعر:

صددت فأطولت الصّدود، وقلّما ... وصال على طول الصّدود يدوم

فإن قوله «وصال» مبتدأ، والجملة من «يدوم» وفاعله المستتر فيه في محل رفع خبر، وأما «قل» فلا فاعل له، لأن «ما» قد كفته عن طلب الفاعل، وبعض العلماء يجعل «ما» مصدرية، والمصدر المنسبك منها ومما بعدها فاعل قلّ، والتقدير: وقلّ دوام وصل على طول الصد.