شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[نواصب المضارع]

صفحة 80 - الجزء 1

  ويفسد قول الكسائي أنّ جزء الشيء لا يعمل فيه، وقول ثعلب أن المضارعة إنما اقتضت إعرابه من حيث الجملة، ثم يحتاج كلّ نوع من أنواع الإعراب إلى عامل يقتضيه، ثم يلزم على المذهبين أن يكون المضارع مرفوعا دائما، ولا قائل به.

  ويردّ قول البصريين ارتفاعه في نحو «هلّا يقوم» لأن الاسم لا يقع بعد حروف التحضيض⁣(⁣١).

  * * *

[نواصب المضارع]

  ص - وينصب بلن، نحو «لن نبرح».

  ش - لما انقضى الكلام على الحالة التي يرفع فيها المضارع ثنّى بالكلام على الحالة التي ينصب فيها، وذلك إذا دخل عليه حرف من حروف أربعة، وهي: لن، وكي، وإذن، وأن، وبدأ بالكلام على «لن» لأنها ملازمة للنصب، بخلاف البواقي، وختم بالكلام على «أن» لطول الكلام عليها.

[الكلام على «لن»]

  و «لن» حرف يفيد النفي والاستقبال، بالاتفاق⁣(⁣٢)، ولا يقتضي تأبيدا، خلافا للزمخشري في أنموذجه⁣(⁣٣)، ولا تأكيدا، خلافا له في كشّافه، بل قولك «لن أقوم» محتمل لأن تريد بذلك أنك لا تقوم أبدا، وأنك لا تقوم في بعض أزمنة المستقبل، وهو موافق لقولك «لا أقوم» في عدم إفادة التأكيد.

  ولا تقع «لن» للدعاء خلافا لابن السرّاج⁣(⁣٤)، ولا حجّة له فيما استدل به من قوله


(١) قد أجيب عن هذا الاعتراض بأن الرفع ثابت في الفعل المضارع قبل دخول حرف التحضيض عليه، فلما دخل حرف التحضيض لم يغير ما كان؛ لأن أثر العامل لا يزيله إلا عامل آخر، وحرف التحضيض غير عامل، ونظير هذا المثال حرف التنفيس في نحو «سيقوم» وهو وارد أيضا على كلام البصريين، ومدفوع بما ذكرناه.

(٢) معنى ذلك أن انتفاء الحدث الذي يدل عليه الفعل الذي بعدها حاصل في الزمان المستقبل، فإذا قلت: «لن أحضر لزيارتك» كان معنى ذلك: ينتفي حضوري لزيارتك في الزمان المستقبل.

(٣) مما رد به على الزمخشري في قوله إن «لن» تفيد تأبيد النفي أنها لو كانت تفيد ذلك لما كان يحسن ذكر لفظ الأبد بعدها؛ إذ يكون ذكره بعدها تكرارا، لكن ذكر الأبد بعدها واقع في فصيح الكلام، نحو قوله تعالى:

{وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً} وفي قوله جلت كلمته {وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً} وأما إفادة التأبيد في نحو قوله تعالى: {لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً} وفي نحو قوله سبحانه: {لَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ} فليس مما دلت عليه «لن» بل من دليل خارج.

(٤) ذهب المؤلف في كتابه مغني اللبيب إلى أن «لن» تأتي للدعاء - ومعنى ذلك أن الفعل الذي بعدها للدعاء - واستدل على ذلك بقول الشاعر: =