شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[شرط الحال التنكير]

صفحة 263 - الجزء 1

  الوقوع في جواب كيف، نحو قوله تعالى: {وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ}⁣(⁣١).

  قلت: {ثُباتٍ} في معنى متفرقين، فهو وصف تقديرا، والمراد بالفضلة ما يقع بعد تمام الجملة، لا ما يصحّ الاستغناء عنه، والحدّ المذكور للحال المبينة لا المؤكدة⁣(⁣٢).

  * * *

[شرط الحال التنكير]

  ص - وشرطها التّنكير.

  ش - شرط الحال: أن تكون نكرة، فإن جاءت بلفظ المعرفة وجب تأويلها بنكرة⁣(⁣٣)، وذلك كقولهم: «ادخلوا الأوّل فالأوّل» و «أرسلها العراك» وقراءة بعضهم:


= مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى من، والجملة لا محل لها صلة «كئيبا» حال من الضمير المستتر في يعيش «كاسفا» حال ثانية «باله» بال: فاعل بكاسف؛ لأنه اسم فاعل، وبال مضاف وضمير الغائب مضاف إليه «قليل» حال ثالثة، وقليل مضاف و «الرجاء» مضاف إليه.

الشاهد فيه: قوله «الميت من يعيش كئيبا كاسفا باله قليل الرجاء» فإن هذه الأحوال لا يستغني الكلام عنها، لأنك لو أسقطتها لصار الكلام: إنما الميت من يعيش، وهذا تناقض لأنك حملت الشيء على ضده، لكن بعد ذكر هذه الأحوال صح المعنى، فقولنا في تعريف الحال «فضلة» يجب ألا يكون معنى الفضلة فيه الذي يصح الاستغناء عنه، كما هو المشهور، بل يكون معناه الذي يجيء بعد تمام الجملة واستيفاء أركانها وإن كان محتاجا إليه في كمال المعنى.

(١) من الآية ٦٠ من سورة البقرة.

(٢) لم يذكر المؤلف ما تجيء الحال منه. ونحن نذكره لك إجمالا فنقول:

تجيء الحال من الفاعل وحده فتقول: جاء زيد راكبا، ومن المفعول وحده فتقول: ضربت اللص مكتوفا، ومنهما معا فتقول: لقيت عليّا راكبين؛ وتجيء من المضاف إليه بأحد ثلاثة شروط، الأول: أن يكون المضاف جزاءا من المضاف إليه نحو قوله تعالى: {وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً} الثاني: أن يكون المضاف مثل جزء المضاف إليه في صحة حذفه والاستغناء عنه بالمضاف إليه نحو قوله تعالى: {أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً} الثالث: أن يكون المضاف عاملا في الحال نحو قوله تعالى: {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً.}

(٣) هذا الذي ذكره المؤلف من أنه يشترط في الحال أن تكون نكرة مطلقا - أي سواء أدلت على شرط أم لم تدل - هو مذهب جمهور البصريين، واستدلوا لذلك بدليلين، الأول: أن أكثر ما ورد عن العرب من الحال نكرة، وما ورد معرفة قليل يمكن تأويله فلا يقاس عليه، والدليل الثاني: أن الغرض المقصود للمتكلم من الإتيان بالحال هو بيان هيئة الفاعل أو المفعول أو نحوهما حين وقوع الفعل منه أو عليه، وهذا الغرض يحصل بتنكير الحال، فالإتيان بها معرفة زيادة عن المقصود ينبغي أن يصان الكلام عنها، فوق أنها خروج عن الأصل لغير علة اقتضته.

وذهب يونس وجمهرة البغداديين إلى جواز تنكيره مطلقا لأن الحال مثل الخبر، وقد علمنا أن الخبر يجيء نكرة ويجيء معرفة؛ فينبغي أن يجوز ذلك في الحال، وأيضا فلأن السماع ورد به في أمثلة متعددة وإن كانت أقل من =