[«إن» وأخواتها، معنى هذه الحروف]
  الجزءين، والغالب أن يكون المحذوف اسمها، كقوله تعالى: {فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ}(١). والتقدير - واللّه أعلم - فنادى بعضهم بعضا أن ليس الحين حين فرار، وقد يحذف خبرها ويبقى اسمها، كقراءة بعضهم: {وَلاتَ حِينَ}(١) بالرفع.
  * * *
[«إن» وأخواتها، معنى هذه الحروف]
  ص - الثّاني: إنّ وأنّ للتّأكيد، ولكنّ للاستدراك، وكأنّ للتّشبيه أو الظّنّ، وليت للتّمنّي، ولعلّ للتّرجّي أو الإشفاق أو التّعليل؛ فينصبن المبتدأ اسما لهنّ، ويرفعن الخبر خبرا لهنّ.
  ش - الثاني من نواسخ المبتدأ والخبر: ما ينصب الاسم ويرفع الخبر.
  وهو ستة أحرف: إنّ، وأنّ، ومعناهما التوكيد(٢)، تقول: زيد قائم، ثم تدخل «إنّ» لتأكيد الخبر وتقريره؛ فتقول: إنّ زيدا قائم، وكذلك أنّ، إلا أنها لا بدّ أن يسبقها كلام، كقولك: بلغني أو أعجبني، ونحو ذلك، ولكنّ، ومعناها الاستدراك، وهو: تعقيب الكلام برفع ما يتوهم ثبوته أو نفيه، يقال: زيد عالم، فيوهم ذلك أنه صالح؛ فتقول: لكنّه فاسق، وتقول: ما زيد شجاع، فيوهم ذلك أنه ليس بكريم؛ فتقول: لكنّه كريم(٣)، وكأنّ
= خبره محذوف، فلو قلت: «لات ساعة مندم» فلات: حرف نفي، وساعة: مبتدأ، وساعة مضاف ومندم مضاف إليه، والخبر محذوف، والتقدير: لات ساعة مندم موجودة، ولو نصبت ساعة فهو مفعول به لفعل محذوف، والتقدير: ولات أرى ساعة مندم، وهو تكلف لا موجب له.
(١) من الآية ٣ من سورة ص.
(٢) إن المكسورة الهمزة وأختها أن المفتوحة الهمزة يتفقان في أنهما موضوعان لتأكيد الحكم المقترن بإحداهما ونفي الشك فيه والإنكار له، ومن أجل هذا لا يجوز استعمال أحد هذين الحرفين في كلام إلا أن يكون المخاطب به مترددا في ثبوت الخبر للاسم أو شاكا في ثبوته له، أو منزلا عند المتكلم منزلة الشاك أو المتردد، فلا تقول: «إنك ابن عمي» أو «إنك أخي» لمن يعلم أنه ابن عمك أو أنه أخوك، إلا أن يكون قد عمل عملا يتنافى مع هذه القرابة فنزلته من أجل هذا العمل منزلة المنكر أو الشاك أو المتردد فيهما، ويفترقان - زيادة على ما ذكره المؤلف من كون المفتوحة لا بد أن يسبقها كلام - في كون إن المكسورة لا يتغير الكلام معها عن أصله، فقولك «إن أباك حاضر» جملة بعد دخول إن في اللفظ والتقدير كما كانت قبل دخول إن، فأما أن المفتوحة فهي مع مدخولها جملة في اللفظ ولكنها مفرد في التقدير، ولهذا تقع موقع المفرد؛ فتكون مع مدخولها فاعلا ومفعولا به ومبتدأ ومجرورا بحرف الجر، وهلم جرا.
(٣) من أمثلة الشارح تعلم أنه لا بد أن يتقدم على «لكن» كلام، ومن استقراء أساليب المحتج بكلامهم يتبين =