[إذا اتصلت بإحداها «ما» الحرفية بطل عملها إلا «ليت»]
  أو ما فيه عسر، كقول المعدم الآيس: ليت لي قنطارا من الذهب(١).
  ولعلّ للترجّي، وهو طلب المحبوب المستقرب حصوله(٢)، كقولك: لعلّ اللّه يرحمني، أو للإشفاق، وهو: توقّع المكروه، كقولك: لعلّ زيدا هالك، أو للتعليل، كقوله تعالى: {فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ}(٣) أي: لكي يتذكّر، نصّ على ذلك الأخفش.
  * * *
[إذا اتصلت بإحداها «ما» الحرفية بطل عملها إلا «ليت»]
  ص - إن لم تقترن بهنّ «ما» الحرفيّة، نحو: {إِنَّمَا اللَّهُ إِلهٌ واحِدٌ} إلّا «ليت» فيجوز الأمران.
  ش - إنما تنصب هذه الأدوات الأسماء وترفع الأخبار بشرط أن لا تقترن بهنّ «ما» الحرفية؛ فإن اقترنت بهنّ بطل عملهن، وصحّ دخولهن على الجملة الفعلية، قال اللّه تعالى: {قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ}(٤)، وقال تعالى: {كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ}(٥)، وقال الشاعر:
(١) المراد بما لا طمع فيه ما هو مستحيل عادة، ألا ترى أن رجوع الشباب وعودته إلى من ذهبت قوته وفني نشاطه مستحيل عادة، والمراد بما فيه عسر ما هو ممكن عادة لكنه مما يتعسر تحققه، ألا ترى أن حصول المال ممكن، ولكن في تحققه عسرا، واعلم أن تعلق التمني بالمستحيل كثير، وتعلقه بالممكن قليل، وتعلقه بما يجب أن يكون غير جائز، فلا يجوز أن تقول «ليت غدا يجيء».
(٢) اعلم أن الترجي الذي تستعمل لعل في الدلالة عليه يخالف التمني الذي تستعمل ليت في الدلالة عليه من جهة أن التمني لا يكون إلا في المستحيل عادة أو ما فيه عسر كما ذكرنا لك من قبل، فأما الترجي فيكون في الأمر الممكن المستقرب حصوله لا المحال ولا المستبعد.
فإن قلت: فقد قال اللّه تعالى على لسان فرعون: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ} وقد علمنا أن ذلك غير ممكن، فضلا عن أن يكون قريبا.
فالجواب: أن اللّه تعالى قاله على لسان فرعون على قدر عقل هذا الجاحد، فهو يقول ذلك جاهلا أنه لا يكون، ولعله - لعتوه وطغيانه - كان يظنه قريب الحصول.
(٣) من الآية ٤٤ من سورة طه.
(٤) من الآية ١٠٨ من سورة الأنبياء.
(٥) من الآية ٦ من سورة الأنفال.