[إن أعملت العامل الأول أضمرت في الثاني كل ما يحتاجه]
  مطلوب لكل واحد من هذه العوامل الثلاثة.
  ومثال تنازع أكثر من عاملين أكثر من معمول قوله عليه الصلاة والسّلام: «تسبّحون وتحمّدون وتكبّرون دبر كلّ صلاة ثلاثا وثلاثين»؛ ف «دبر» منصوب على الظرفية، و «ثلاثا وثلاثين» منصوب على أنه مفعول مطلق، وقد تنازعهما كل من العوامل الثلاثة السابقة عليهما.
  إذا تقرر هذا فنقول: لا خلاف في جواز إعمال أيّ العاملين أو العوامل شئت، وإنما الخلاف في المختار، فالكوفيون يختارون إعمال الأول لسبقه، والبصريون يختارون إعمال الأخير لقربه(١).
[إن أعملت العامل الأول أضمرت في الثاني كل ما يحتاجه]
  فإن أعملت الأول أضمرت في الثاني كلّ ما يحتاج إليه من مرفوع ومنصوب ومجرور، وذلك نحو: «قام وقعد أخواك» و «قام وضربتهما أخواك» و «قام ومررت بهما أخواك» وذلك لأن الاسم المتنازع فيه - وهو «أخواك» في المثال - في نية التقديم، فالضمير وإن عاد على متأخر لفظا لكنه متقدم رتبة.
[إن أعملت الثاني أضمرت في الأول المرفوع، دون سواه]
  وإن أعملت الثاني: فإن احتاج الأول إلى مرفوع أضمرته، فقلت «قاما وقعد أخواك» وإن احتاج إلى منصوب أو مخفوض حذفته، فقلت: «ضربت وضربني أخواك» و «مررت ومرّ بي أخواك» ولا تقل «ضربتهما» ولا «مررت بهما»، لأن عود الضمير على ما تأخر لفظا ورتبة إنما اغتفر في المرفوع لأنه غير صالح للسقوط، ولا كذلك المنصوب والمجرور.
  وليس من التنازع قول امرئ القيس:
  ٨١ - ولو أنّ ما أسعى لأدنى معيشة ... كفاني - ولم أطلب - قليل من المال
(١) لقربه أي من المعمول؛ لأن آخر العوامل واقع بجوار المعمول.
٨١ - هذا البيت لامرئ القيس بن حجر الكندي، من قصيدة له طويلة أولها:
ألا عم صباحا أيّها الطّلل البالي ... وهل يعمن من كان في العصر الخالي
وسينشد المؤلف هذا الشاهد مرة أخرى في «باب المفعول له» من هذا الكتاب.
الإعراب: «لو» حرف امتناع لامتناع «أن» حرف توكيد ونصب «ما» مصدرية «أسعى» فعل مضارع، =