شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[ينقسم العلم إلى اسم وكنية ولقب]

صفحة 120 - الجزء 1

  (٣) ومركّب تركيب إسناد، وهو ما كان جملة في الأصل كشاب قرناها، وحكمه أن العوامل لا تؤثر فيه شيئا، بل يحكى على ما كان عليه من الحالة قبل النّقل⁣(⁣١).

[ينقسم العلم إلى اسم وكنية ولقب]

  وينقسم إلى اسم وكنية ولقب⁣(⁣٢)، وذلك لأنه إن بدئ بأب أو أمّ كان كنية كأبي بكر وأمّ بكر وأبي عمرو وأمّ عمرو، وإلا فإن أشعر برفعة المسمى كزين العابدين أو ضعته - كقفة، وبطّة، وأنف الناقة - فلقب، وإلّا فاسم، كزيد وعمرو⁣(⁣٣).

[حكم اجتماع هذه الأنواع أو بعضها في الكلام]

  وإذا اجتمع الاسم مع اللّقب وجب - في الأفصح - تقديم الاسم وتأخير اللقب، ثم إن كانا مضافين كعبد اللّه زين العابدين، أو كان الأول مفردا والثاني مضافا كزيد زين العابدين، أو كان الأمر بالعكس كعبد اللّه قفّة - وجب كون الثاني تابعا للأول في إعرابه:


(١) ومن شواهد العلم المحكي عن جملة ما ينسب إلى رؤبة بن العجاج من قوله:

نبّئت أخوالي بني يزيد ... ظلما علينا لهم فديد

الشاهد فيه: قوله «يزيد» فإنه الآن علم، وأصله فعل مضارع فيه ضمير مستتر تقديره هو، فهو منقول عن جملة، ولو كان منقولا عن الفعل المضارع وحده لأعربه إعراب ما لا ينصرف للعلمية ووزن الفعل، فكان يجره بالفتحة نيابة عن الكسر، ومثله قوله الشاعر:

كذبتم وبيت اللّه لا تنكحونها ... بني شاب قرناها تصرّ وتحلب

(٢) لفظ اللقب عند العرب كان يطلق قديما على ما يقصد به المدح وعلى ما يقصد به الذم، ولكنه كان أكثر إطلاقا على ما يقصد به الذم، حتى قال الحماسي:

أكنيه حين أنّاديه لأكرمه ... ولا ألقّبه والسّوءة اللقب

ولفظ النبز عندهم كان لا يطلق إلا على ما يقصد به الذم، وانظر إلى قوله تعالى: {وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ} تدرك ذلك المعنى واضحا جليا، وكانوا إنما يعدلون عن الاسم واللقب إلى الكنية قصدا إلى تعظيم المكني وإجلاله؛ لأن بعض النفوس تأنف أن تذكر باسمها أو بلقبها، وليس طريق التعظيم باللقب كطريق التعظيم بالكنية؛ لأن التعظيم باللقب إنما هو بمعنى اللفظ، كما تقول: زين العابدين، وتاج الملة، وسيف الدولة، أما التعظيم بالكنية فإنه بواسطتها بعدم التصريح باسم، لا بمعنى الكنية.

(٣) خير من هذه التفرقة التي ذكرها المؤلف أن يقال: إن ما سمى به الوالدان ولدهما أول الأمر حين ولادته يعتبر اسما، سواء أكان قد صدر بأب أو أم أو أخ أو أخت أم لم يصدر، وسواء أشعر برفعة المسمى به أو بضعته، أو لم يشعر، وما أطلق بعد ذلك على صاحب الاسم إن كان قد صدر بأب أو أم أو نحوهما فهو كنية، سواء أشعر بمدح كأبي الفضل أو بذم كأبي لهب أم لم يشعر كأبي بكر، وما لم يصدر بأحدهما فهو لقب، ولا بد أن يشعر حينئذ بمدح أو ذم، وقد يضع الوالدان في أول الأمر لمولودهما اسما ولقبا وكنية أو اسما ولقبا أو اسما وكنية، كمحمد أبي الفضل، وأحمد أبي اليسر، وكمحمد الهادي، وكعلي زين العابدين، وخالد سيف اللّه، ونحو ذلك، وحينئذ يطبق عليه ما قال المؤلف.