شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[اختلاف العرب في كلمة «أمس» مرادا بها اليوم قبل يومك]

صفحة 36 - الجزء 1

  وجرّا؛ فيقول «جاءتني حذام» بالضم، و «رأيت حذام، ومررت بحذام» بالفتح، وأكثرهم يفصل بين ما كان آخره راء - كوبار: اسم لقبيلة، وحضار: اسم لكوكب، وسفار: اسم لماء - فيبنيه على الكسر، كالحجازيين⁣(⁣١) وما ليس آخره راء - كحذام، وقطام - فيعربه إعراب ما لا ينصرف⁣(⁣٢).

[اختلاف العرب في كلمة «أمس» مرادا بها اليوم قبل يومك]

  وأما «أمس» إذا أردت به اليوم الذي قبل يومك، فأهل الحجاز يبنونه على الكسر؛ فيقولون: «مضى أمس، واعتكفت أمس، وما رأيته مذ أمس» بالكسر في الأحوال الثلاثة قال الشاعر:

  ٢ - منع البقاء تقلّب الشّمس ... وطلوعها من حيث لا تمسي

  وطلوعها حمراء صافية ... وغروبها صفراء كالورس

  اليوم أعلم ما يجيء به ... ومضى بفصل قضائه أمس


=

ولو أنّي ملكت يدي ونفسي ... لكان إليّ للقدر الخيار

الشاهد في قوله «نوار» فإنه جاء به مرفوعا بالضمة الظاهرة لكونه فاعل «غدت» بدليل القافية في البيت الثاني.

(١) من ذلك قول الفرزذق همام بن غالب - وهو من شواهد كتاب شذور الذهب للمؤلف (ش ٣٩)، واستشهد به أيضا صاحب لسان العرب وصاحب معجم البلدان:

متى ما ترد يوما سفار تجد بها ... أديهم يرمي المستجير المعوّرا

وإذا تأملت في هذا الشاهد وفي الشاهد الذي ذكرناه قريبا ونسبناه إلى الفرزدق، أيضا، تبين لك أمران، الأول أن بني تميم يجيئون بما آخره راء مبنيا على الكسر أحيانا كهذا الشاهد، ومعربا إعراب ما لا ينصرف أحيانا أخرى، والثاني أن الفرزدق قد استعمل في شعره هاتين اللغتين؛ وكل منهما لغة لفريق من قبيلته.

(٢) والمانع له من الصرف العلمية والعدل عن فاعله عند سيبويه، والعلمية والتأنيث عند المبرد.

٢ - هذه الأبيات لتبع بن الأقرن، أو لأسقف نجران، وقد استشهد المؤلف في التوضيح بالشطر الأخير من هذه الأبيات في باب ما لا ينصرف (رقم ٤٨٥) وذكر الأبيات كلها في كتابه شذور الذهب (ش ٤١) وذكر البيتين ابن منظور في لسان العرب (أم س).

اللغة: «البقاء» أراد به الدوام والخلود «الورس» هو الزعفران «بفصل قضائه» أراد بقضائه الفاصل، أي: القاطع، فالمصدر بمعنى اسم الفاعل، وإضافته لما بعده من إضافة الصفة للموصوف.

المعنى: إن الخلود في هذه الدنيا ممتنع غير ممكن لأحد، والدليل على امتناعه ما نشاهده من تقلبات الأحوال، فالشمس - وهي نجم عظيم جدا - ليست بباقية على حالة واحدة، بل يعتريها التغير والأفول، ألا تراها تطلع من جهة غير الجهة التي تغرب فيها، ثم ألا تراها تطلع حمراء صافية، ثم تغرب صفراء تشبه الزعفران في الصفرة. =