شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[لا تبنى صيغة التعجب إلا مما استوفى خمسة شروط]

صفحة 360 - الجزء 1

  أورق الشّجر، وأزهر البستان، وأثرى فلان، وأترب زيد، وأغدّ البعير⁣(⁣١)، بمعنى صار ذا دق، وذا زهر، وذا ثروة، وذا متربة - أي فقر وفاقة - وذا غدّة⁣(⁣١)، فضمّن معنى التعجب، حوّلت، صيغته إلى صيغة أفعل - بكسر العين - فصار: أحسن زيد، فاستقبح اللفظ بالاسم المرفوع بعد صيغة فعل الأمر، فزيدت الباء لإصلاح اللفظ، فصار: أحسن بزيد، على صيغة امرر بزيد، فهذه الباء تشبه الباء في {كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً}⁣(⁣٢) في أنها زيدت في الفاعل، ولكنها تخالفها من جهة أنها⁣(⁣٣) لازمة وتلك جائزة الحذف، قال سحيم:

  ١٤٧ - عميرة ودّع إن تجهّزت غازيا ... كفى الشّيب والإسلام، للمرء ناهيا

[لا تبنى صيغة التعجب إلا مما استوفى خمسة شروط]

  ولا يبنى فعل التعجّب واسم التفضيل إلا مما استكمل خمسة شروط:


(١) الغدة - بضم الغين وتشديد الدال مفتوحة - طاعون يصيب الإبل فتنشأ عنه ثآليل (خراج) وتقول: أغد البعير فهو مغد، وأغد القوم: أي أصابت إبلهم الغدة.

(٢) من الآيتين ٧٩، ١٦٦ من سورة النساء، ومن الآية ٤٣ من سورة الرعد، ومن الآية ٩٦ من سورة الإسراء، ومن الآية ٢٨ من سورة الفتح.

(٣) إنما يجب وقوع فاعل أفعل مجرورا بالباء الزائدة إذا لم يكن الفاعل اسما مؤولا من أن والمضارع أو من أن المشددة واسمها وخبرها، مثال الأول قول علي بن أبي طالب:

وقال أمير المسلمين تقدّموا ... وأحبب إلينا أن تكون المقدّما

ومثال الثاني قول الشريف الرضي:

أهون عليّ إذا امتلأت من الكرى ... أنّي أبيت بليلة الملسوع

١٤٧ - هذا البيت مطلع قصيدة لسحيم بن وثيل الرياحي، وقد استشهد به الأشموني في باب التعجب (رقم ٧٣٦) والمؤلف في أوضحه (٣٧٩).

اللغة: «عميرة» اسم امرأة «ودع» أمر من التوديع، وأراد اترك مواصلتها والتودد إليها «تجهزت غازيا» أراد أعددت العدة للغزو في سبيل اللّه، وأغلب الظن أنه أراد جهاد النفس، ووقع في ديوان سحيم (ص ١٦) «إن تجهزت غاديا».

المعنى: اترك. مواصلة الغواني والتودد إليهن إذا كنت قد عزمت على أن تقطع ما بينك وبين شواغل الدنيا، ثم بين أن الإسلام والشيخوخة يردعان من لا يرتدع عن الضلال، ويروى أن عمر بن الخطاب قال له: لو قدمت الإسلام على الشيب لأجزتك.

الإعراب: «عميرة» مفعول به تقدم على عامله وهو ودع، منصوب بالفتحة الظاهرة «ودع» فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «إن» حرف شرط جازم يجزم فعلين الأول فعل الشرط والثاني جوابه وجزاؤه «تجهزت» تجهز: فعل ماض فعل الشرط مبني على الفتح المقدر في محل جزم، والتاء ضمير المخاطب فاعله، مبني على الفتح في محل رفع «غازيا» حال من الفاعل «كفى» =