[ذهب سيبويه إلى أنها حرف، وزعم الأخفش وابن السراج أنها اسم]
[ذهب سيبويه إلى أنها حرف، وزعم الأخفش وابن السراج أنها اسم]
  وقد اختلف فيها؛ فذهب سيبويه إلى أنها حرف بمنزلة «أن» المصدرية، وذهب الأخفش وابن السّرّاج إلى أنها اسم بمنزلة «الذي» واقع على ما لا يعقل، وهو الحدث، والمعنى: ودّوا الذي عنتّموه، أي العنت الذي عنتّموه، ويسرّ المرء الذي ذهبه الليالي، أي الذهاب الذي ذهبه الليالي، ويرد [على] هذا القول أنه لم يسمع: «أعجبني ما قمته وما قعدته» ولو صحّ ما ذكر لجاز ذلك؛ لأن الأصل أن العائد يكون مذكورا، لا محذوفا.
  * * *
[ترد «لما» في العربية لثلاثة معان]
  وأما «لمّا» فإنها في العربية على ثلاثة أقسام:
  (١) نافية بمنزلة «لم» نحو: {لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ}(١) أي: لم يقض ما أمره.
  (٢) وإيجابية بمنزلة «إلّا» نحو قولهم: عزمت عليك لمّا فعلت كذا، أي: إلّا فعلت كذا، أي ما أطلب منك إلّا فعل كذا.
  وهي في هذين القسمين حرف باتفاق.
  (٣) والثالث: أن تكون رابطة لوجود شيء بوجود غيره، نحو: «لما جاءني أكرمته» فإنها
= محذوفا جوازا لكان من اللازم أن يذكر في بعض التراكيب، ولكنا وجدناه لا يظهر في تركيب من التراكيب أصلا؛ وإلا فأنتم مطالبون بأن تجيئوا بشاهد من كلام العرب المحتج بكلامهم فيه ذكر العائد على «ما» هذه، ولا سبيل إلى هذا الدليل، فدل ذلك على بطلان دعوى الحذف بنوعيه.
الوجه الثاني: أنه يتصور الحذف إذا كان الواقع بعد «ما» فعلا متعديا نحو «أعجبني ما اشتريت» فإنك تستطيع أن تقدر أعجبني الذي اشتريته، أما إذا كان الواقع بعد «ما» فعلا قاصرا مثل ذهب في بيت الشاهد أو جملة اسمية نحو «لا أصحبك ما زيد صديقك» فإنه لا سبيل إلى ادعاء الحذف في هذين الموضعين، لأنك لا تستطيع تقدير المحذوف؛ فإن زعمت أن المحذوف في بيت الشاهد تقديره:
يسر المرء الذي ذهب به الليالي، فهو تقدير لا يقرك عليه أحد؛ لأنك قد جعلت ذلك العائد المحذوف مجرورا بحرف جر محذوف أيضا، ولم تجعله مفعولا به، وحذف العائد المجرور له شروط لم تتحقق في هذا المثال، فإن زعمت أن العائد ضمير محذوف منصوب بذهب كما ذكر المؤلف كنت قد نصبت المفعول بالفعل اللازم، وهو غير سديد ولا مرضيّ، فافهم ذلك كله، واحرص عليه.
(١) من الآية ٢٣ من سورة عبس.