شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[تقدم الخبر على المبتدأ إما جائز وإما واجب]

صفحة 146 - الجزء 1

  وفي نحو: «الزّيدان شاعر وكاتب» وفي نحو: «هذا حلو حامض» لأن ذلك كله لا تعدّد فيه في الحقيقة: أمّا الأول فلأن الأول خبر، والثاني معطوف عليه، وأمّا الثاني فلأن كلّ واحد من الشخصين مخبر عنه بخبر واحد، وأمّا الثالث فلأن الخبرين في معنى الخبر الواحد؛ إذ المعنى: هذا مزّ⁣(⁣١).

[تقدم الخبر على المبتدأ إما جائز وإما واجب]

  ص - وقد يتقدّم، نحو: «في الدّار زيد» و «أين زيد»؟.

  ش - قد يتقدم الخبر على المبتدأ: جوازا، أو وجوبا.

  فالأول نحو: «في الدّار زيد»، وقوله تعالى: {سَلامٌ هِيَ}⁣(⁣٢)، {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ}⁣(⁣٣) وإنّما لم يجعل المقدّم في الآيتين مبتدأ والمؤخر خبرا لأدائه إلى الإخبار عن النكرة بالمعرفة.

  والثاني⁣(⁣٤) كقولك: «في الدّار رجل» و «أين زيد»؟ وقولهم: «على التّمرة مثلها زبدا»


(١) لإيضاح كلام الشارح وبيانه بيانا كاملا ننبهك إلى أن تعدد الخبر على ثلاثة أنواع:

الأول: أن يكون متعددا في اللفظ والمعنى جميعا، مع أن المبتدأ غير متعدد نحو «زيد أديب فقيه حاسب» وعلامة هذا النوع أن يصح الاقتصار في الإخبار على واحد من الأخبار المتعددة، فتقول: «زيد أديب» أو تقول: «زيد فقيه» أو تقول «زيد حاسب» ويجوز في هذا النوع توسط حرف العطف بين الأخبار فتقول: «زيد أديب وفقيه وحاسب» بغير خلاف.

النوع الثاني: أن يتعدد لفظا فقط، ويكون معنى الأخبار المتعددة معنى الخبر الواحد، نحو «الرمان حلو حامض» ونحو «عليّ أعسر أيسر» أي يعمل بكلتا يديه، ونحو قولك للأبلق: «هذا أسود أبيض» وضابط هذا النوع أنه لا يجوز الاقتصار عليّ واحد من الأخبار المذكورة، فلا يجوز أن تقول «الرمان حلو» ولا «الرمان حامض» وكذا في الأمثلة الباقية، وهذا النوع لا يجوز توسيط حرف العطف بين الأخبار المتعددة فلا تقول «الرمان حلو وحامض» لأن حرف العطف يدل على المغايرة، والفرض أنه جامع للوصفين، وليس المراد أن بعضه حلو وبعضه حامض.

النوع الثالث: أن يكون متعددا والمبتدأ متعدد أيضا إما حقيقة، نحو «بنوك كاتب وشاعر وحاسب» وإما حكما، نحو قوله تعالى: {أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ} ويجب فيه أن يوسط حرف العطف بين الأخبار. كما ترى في الآية الكريمة.

(٢) من الآية ٥ من سورة القدر.

(٣) من الآية ٣٧ من سورة يس.

(٤) ذكر المؤلف في هذا النوع ثلاثة أمثلة، وكل مثال يمثل ضابطا؛ فضابط المثال الأول أن يكون الخبر غير مفرد والمبتدأ نكرة ولا مسوغ للابتداء بها، وضابط المثال الثاني أن يكون الخبر اسم استفهام، وضابط المثال الثالث أن يكون المبتدأ مضافا إلى ضمير يعود على بعض الخبر؛ فيجب تقديم الخبر وتأخير المبتدأ في كل مثال للسبب الذي ذكره المؤلف.