[حكم الفعل المضارع]
  وإنما ذكرت هذه الأحرف بساطا وتمهيدا للحكم الذي بعدها، لا لأعرّف بها الفعل المضارع؛ لأنّا وجدناها تدخل في أول الفعل الماضي، نحو «أكرمت زيدا» و «تعلّمت المسألة» و «نرجست الدواء» إذا جعلت فيه نرجسا، و «يرنأت الشّيب» إذا خضبته باليرنّاء، وهو الحنّاء؛ وإنما العمدة في تعريف المضارع دخول «لم» عليه.
  ولما فرغت من ذكر علامات المضارع شرعت في ذكر حكمه؛ فذكرت [أنّ] له حكمين: حكما باعتبار أوله، وحكما باعتبار آخره.
[حكم الفعل المضارع]
  فأما حكمه باعتبار أوّله فإنه يضمّ تارة، ويفتح أخرى، فيضمّ إن كان الماضي أربعة أحرف، سواء كانت كلها أصولا، نحو: «دحرج يدحرج» أو كان بعضها أصلا وبعضها زائدا، نحو: «أكرم يكرم» فإن الهمزة فيه زائدة؛ لأن أصله كرم، ويفتح إن كان الماضي أقلّ من الأربعة، أو أكثر منها؛ فالأول نحو: «ضرب يضرب» و «ذهب يذهب» و «دخل يدخل»، والثاني نحو: «انطلق ينطلق» و «استخرج يستخرج».
  وأما حكمه باعتبار آخره فإنه تارة يبنى على السكون، وتارة يبنى على الفتح، وتارة يعرب؛ فهذه ثلاث حالات لآخره، كما أن لآخر الماضي ثلاث حالات، ولآخر الأمر ثلاث حالات.
[بناؤه على السكون ومواضعه]
  فأما بناؤه على السكون فمشروط بأن يتصل به نون الإناث، نحو: «النّسوة يقمن»، و {وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ}(١)، و {وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ}(٢)، ومنه: {إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ}(٣)، لأن الواو أصلية، وهي واو عفا يعفو، والفعل مبنيّ على السكون لاتصاله بالنون، والنون فاعل مضمر، عائد على المطلقات، ووزنه: يفعلن، وليس هذا كيعفون في قولك:
  «الرّجال يعفون» لأن تلك الواو ضمير لجماعة المذكّرين كالواو في قولك: «يقومون»، وواو الفعل حذفت، والنون علامة الرفع، ووزنه: يفعون، وهذا يقال فيه: «إلّا أن يعفوا» بحذف نونه، كما تقول: «إلّا أن يقوموا» وسيأتي شرح ذلك كلّه(٤).
(١) من الآية ٢٣٣ من سورة البقرة.
(٢) من الآية ٢٢٨ من سورة البقرة.
(٣) من الآية ٢٣٧ من سورة البقرة.
(٤) إنما بني الفعل المضارع عند اتصاله بنون الإناث رجوعا إلى الأصل في الأفعال وهو البناء؛ لأن شبهه بالاسم الذي كان سبب إعرابه قد عارضه ما هو من خصائص الأفعال وهو لحاق هذه النون التي لا تتصل إلا بالفعل، =