[لاسم التفضيل ثلاثة أحوال]
[لاسم التفضيل ثلاثة أحوال]
  وله ثلاث حالات:
  (١) حالة يكون فيها لازما للإفراد والتذكير، وذلك في صورتين:
  إحداهما: أن يكون بعده «من» جارّة للمفضول(١)، كقولك: «زيد أفضل من عمرو، والزّيدان أفضل من عمرو، والزّيدون أفضل من عمرو، وهند أفضل من عمرو، والهندان أفضل من عمرو، والهندات أفضل من عمرو» ولا يجوز غير ذلك، قال اللّه تعالى: {قالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا}(٢)، وقال اللّه تعالى: {قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ}(٣) فأفرد في الآية الأولى مع الاثنين، وفي الثانية مع الجماعة.
  الثانية: أن يكون مضافا إلى نكرة؛ فتقول: زيد أفضل رجل، والزيدان أفضل رجلين، والزيدون أفضل رجال، وهند أفضل امرأة، والهندان أفضل امرأتين، والهندات أفضل نسوة.
(١) اتفق النحاة على أن «من» الجارة للمفضول دالة على ابتداء الغاية ارتفاعا أو انحطاطا، على هذا اتفق سيبويه والمبرد، إلا أن سيبويه أشار إلى أنها - مع إفادتها لابتداء الغاية - تفيد معنى التبعيض، وأبطل ابن مالك إفادتها التبعيض، وله في هذا الإبطال دليلان:
الأول: أنه لا يصح حلول لفظ «بعض» محلها، وقد علمنا أن «من» الدالة على التبعيض هي التي يصح حلول لفظ «بعض» محلها.
والثاني: أن المجرور بها قد يكون عاما، نحو قولك: اللّه أعظم من كل عظيم، وأكبر من كل كبير؛ وأبطل ابن مالك أيضا دلالة «من» هذه على الابتداء، واستدل على ذلك بأنها لو كانت للابتداء لصح وقوع «إلى» بعدها، كما صح في قولك: «ذهبت من البيت إلى المسجد» ولا يصح وقوع إلى بعد «من» الجارة للمفضول، ومن أجل ذلك كله ذهب ابن مالك إلى أن «من» الجارة للمفضول دالة على المجاوزة، فإذا قلت: «زيد أفضل من عمرو» كان المعنى: جاوز زيد عمرا في الفضل.
واعلم بعد ذلك أنه لا يجوز أن تتقدم «من» هذه مع مجرورها على أفعل التفضيل، إلا إذا كان مجرورها اسم استفهام، نحو قولك: «ممن أنت أفضل» كما أنه لا يجوز أن يفصل بين أفعل التفضيل وبين «من» هذه بأجنبي، وقد وقع في الشعر العربي الفصل بينهما بلو وشرطها، كما في قول الحماسي:
ولفوك أطيب - لو نذلت لنا - ... من ماء موهنة على خمر
(٢) من الآية ٨ من سورة يوسف.
(٣) من الآية ٢٤ من سورة التوبة.