شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[ما ينوب عن المصدر في كونه مفعولا مطلقا]

صفحة 252 - الجزء 1

  جَلْدَةً}⁣(⁣١) فثمانين: مفعول مطلق، وجلدة: تمييز، وأسماء الآلات نحو: ضربته سوطا، أو عصا، أو مقرعة.

[ما ينوب عن المصدر في كونه مفعولا مطلقا]

  وليس مما ينوب عن المصدر صفته، نحو: {وَكُلا مِنْها رَغَداً}⁣(⁣٢) خلافا للمعربين، زعموا أن الأصل أكلا رغدا، وأنه حذف الموصوف ونابت صفته منابه فانتصبت انتصابه، ومذهب سيبويه أن ذلك إنما هو حال من مصدر الفعل المفهوم منه، والتقدير: فكلا حالة كون الأكل رغدا.

  ويدلّ على ذلك أنهم يقولون: «سير عليه طويلا» فيقيمون الجار والمجرور مقام الفاعل، ولا يقولون «طويل» بالرفع؛ فدلّ على أنه حال، لا مصدر، وإلا لجازت إقامته مقام الفاعل، لأن المصدر يقوم مقام الفاعل باتفاق⁣(⁣٣).

  * * *


(١) من الآية ٤ من سورة النور.

(٢) من الآية ٣٥ من سورة البقرة.

(٣) لم يذكر المؤلف أقسام المفعول المطلق، ونحن نذكرها لك باختصار، فنقول: المفعول المطلق على ثلاثة أقسام:

القسم الأول: المؤكد لعامله، وعامله إما أن يكون مصدرا نحو قولك: «كان أمس ضربي زيدا ضربا مبرحا» وإما أن يكون فعلا نحو قولك: «ضربته ضربا شديدا» وإما أن يكون وصفا نحو قوله تعالى: {وَالصَّافَّاتِ صَفًّا} ونحو قولك: «أنت مطلوب طلبا» فإن كان العامل مصدرا فهو مؤكد للعامل نفسه، وإن كان العامل فعلا أو وصفا فالصحيح أنه مؤكد للمصدر المفهوم منهما، وحكم هذا النوع أنه لا يثنى ولا يجمع، بالإجماع، لسببين أولهما أنه بمثابة تكرير الفعل، والفعل لا يثنى ولا يجمع فكذا ما وقع موقعه، والثاني أنه اسم جنس دال على القليل والكثير، فيصح أن يراد به الاثنان والجمع بغير حاجة إلى التثنية والجمع.

والقسم الثاني: المبين لنوع عامله - بأن يدل على الهيئة التي صدر عليها الفعل، ودلالته على الهيئة تكون بواحد من أربعة أوجه، الأول: أن يكون المصدر نفسه موضوعا للدلالة على هيئة خاصة نحو قولك: «رجع زيد القهقرى» و «سار التبختر» والثاني: أن يكون ذلك بسبب إضافة المصدر نحو قولك: «جلس زيد جلوس الأمير» والثالث: أن يكون ذلك بسبب وصف المصدر نحو قولك «ضرب زيد بكرا شديدا» والرابع: أن يكون ذلك بسبب اقتران المصدر بأل العهدية نحو قولك: «ضربت زيدا الضرب» تريد الضرب المعهود بينك وبين المخاطب.

والقسم الثالث من المفعول المطلق: المبين للعدد، بأن يدل على مرات صدور الفعل نحو قولك: «ضربت زيدا ضربتين» أو «ضربات» وهذا النوع يجوز تثنيته أو جمعه بالاتفاق.

وابن مالك | قسم المفعول المطلق إلى قسمين: مبهم - وهو النوع الأول - ومختص، وهو النوعان الثاني والثالث.