شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[الإضمار الواجب في أربع مسائل]

صفحة 90 - الجزء 1

  زائدة كالتي في قوله تعالى: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ}⁣(⁣١) أي: ليعلم أهل الكتاب.

  ولو كانت اللام مسبوقة بكون ماض منفي وجب إضمار «أن» سواء كان المضيّ في اللفظ والمعنى، نحو: {وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ}⁣(⁣٢)، أو في المعنى فقط، نحو: {لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ}⁣(⁣٣)، وتسمى هذه اللام «لام الجحود»⁣(⁣٤).

[الإضمار الواجب في أربع مسائل]

[المسالة الأولى: بعد حتى]

  وتلخّص أنّ لأن بعد اللام ثلاث حالات: وجوب الإضمار، وذلك بعد لام الجحود، ووجوب الإظهار، وذلك إذا اقترن الفعل بلا، وجواز الوجهين، وذلك فيما بقي، قال اللّه تعالى: {وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ}⁣(⁣٥)، وقال تعالى: {وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ}⁣(⁣٦).

  ولما ذكرت أنها تضمر وجوبا بعد لام الجحود استطردت في ذكر بقية المسائل التي يجب فيها إضمار «أن» وهي أربع:

[النصب بعد حتى بأن المضمرة، لا بحتى نفسها]

  إحداها: بعد «حتّى» واعلم أن للفعل بعد حتى حالتين: الرفع، والنصب.

  فأما النصب فشرطه كون الفعل مستقبلا بالنسبة إلى ما قبلها، سواء كان مستقبلا بالنسبة إلى زمن التكلم أو لا: فالأول كقوله تعالى: {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى}⁣(⁣٧)؛ فإن رجوع موسى عليه الصلاة والسّلام مستقبل بالنسبة إلى الأمرين جميعا، والثاني كقوله تعالى: {وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ}⁣(⁣٨)؛ لأن قول الرسول وإن كان ماضيا بالنسبة إلى زمن الإخبار إلا أنه مستقبل بالنسبة إلى زلزالهم.

  ولحتى التي ينتصب الفعل بعدها معنيان؛ فتارة تكون بمعنى كي، وذلك إذا كان ما


(١) من الآية ٢٩ من سورة الحديد.

(٢) من الآية ٣٣ من سورة الأنفال.

(٣) من الآية ١٣٧ من سورة النساء.

(٤) إذا كان الفعل المتقدم على لام الجحود ماضيا لم يكن حرف النفي إلا «ما» كالآية الأولى، وإذا كان مضارعا لم يكن حرف النفي إلا «لم» كالآية الثانية، وهي التي تقلب المضارع ماضيا، ولذلك يقول بعض المؤلفين: لام الجحود هي التي تقع بعد «ما كان» أو بعد «لم يكن» وهي عبارة سليمة مستقيمة مشيرة إلى تحديد حرف النفي.

(٥) من الآية ٧١ من سورة الأنعام.

(٦) من الآية ١٢ من سورة الزمر.

(٧) من الآية ٩١ من سورة طه.

(٨) من الآية ٢١٤ من سورة البقرة.