شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[العطف على اسم «لا» مع تكرارها، وبدونه]

صفحة 191 - الجزء 1

  ص - ولك في نحو: «لا حول ولا قوّة» فتح الأوّل، وفي الثاني: الفتح، والنّصب:

  والرّفع، كالصّفة في نحو: «لا رجل ظريف» ورفعه، فيمتنع النّصب، وإن لم تتكرّر «لا»، أو فصلت الصّفة، أو كانت غير مفردة؛ امتنع الفتح.

[العطف على اسم «لا» مع تكرارها، وبدونه]

  ش - إذا تكررت «لا» مع النكرة جاز في النكرة الأولى الفتح والرفع.

  فإن فتحت فلك في الثانية ثلاثة أوجه: الفتح، والنصب، والرفع.

  وإن رفعت فلك في الثانية وجهان: الرفع، والفتح، ويمتنع النصب.

  فتحصّل أنه يجوز فتح الاسمين؛ ورفعهما، وفتح الأول ورفع الثاني، وعكسه، وفتح الأول ونصب الثاني، فهذه خمسة أوجه في مجموع التركيب.


= اللغة: «سابغات» أراد دروعا سابغات، أي: واسعات تجلل موضعها من البدن وتغطيه كله، فحذف الموصوف وأقام الصفة مكانه، ومثله قوله تعالى: {أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ} والواحدة سابغة «جأواء» هي الجيش العظيم «باسلة» متصفة بالبسالة وهي الشجاعة «المنون» الموت.

المعنى: يريد أنه لا ينجيك من الموت ولا يقيك منه - إذا استكملت أجلك - دروع واسعة تلبسها، أو جيش كثير العدد وافر الشجاعة يمنع عنك {فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ.}

الإعراب: «لا» نافية للجنس «سابغات» اسم لا مبني على الفتح في محل نصب أو مبني على الكسر نيابة عن الفتح في محل نصب «ولا» الواو عاطفة، لا: نافية للجنس «جأواء» اسم لا، مبني على الفتح في محل نصب «باسلة» صفة لجأواء، وصفة المنصوب منصوبة، وعلامة نصبها الفتحة الظاهرة «تقي» فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الياء منع من ظهورها الثقل، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى سابغات، والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر لا الأولى، وخبر لا الثانية محذوف يدل عليه خبر الأولى والتقدير: لا سابغات تقي المنون، ولا جأواء تقي المنون؛ فالواو قد عطفت جملة لا الثانية مع اسمها وخبرها على جملة لا الأولى مع اسمها وخبرها «المنون» مفعول به لتقي المذكور، منصوب بالفتحة الظاهرة «لدى» ظرف بمعنى عند متعلق بتقي، ولدى مضاف و «استيفاء» مضاف إليه واستيفاء مضاف و «آجال» مضاف إليه.

الشاهد فيه: قوله، «لا سابغات» فإن اسم «لا» فيه جمع مؤنث سالم، وجمع المؤنث السالم إذا وقع اسما للا جاز فيه وجهان: الأول البناء على الكسرة نيابة عن الفتحة كما يعرب في حال النصب، والثاني البناء على الفتح، وقد وردت في هذا البيت الرواية بالكسر والفتح؛ فدل مجموع الروايتين على جواز الوجهين.

ومثل هذا البيت في جميع ما ذكرناه قول سلامة بن جندل يتحسر على ذهاب شبابه:

أودى الشّباب الذي مجد عواقبه ... فيه نلذّ؛ ولا لذّات للشّيب