[«لما» الرابطة لوجود شيء بوجود غيره حرف عند سيبويه، وظرف عند الفارسي وجماعة]
[«لما» الرابطة لوجود شيء بوجود غيره حرف عند سيبويه، وظرف عند الفارسي وجماعة]
  ربطت وجود الإكرام بوجود المجيء، واختلف في هذه، فقال سيبويه: إنها حرف وجود لوجود، وقال الفارسيّ وجماعة: إنها ظرف بمعنى حين، وردّ بقوله تعالى:
  {فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ}(١) الآية، وذلك أنها لو كانت ظرفا لاحتاجت إلى عامل يعمل في محلها النصب، وذلك العامل إما «قضينا» أو «دلّهم» إذ ليس معنا سواهما، وكون العامل «قضينا» مردود بأن القائلين بأنها اسم يزعمون أنها مضافة إلى ما يليها، والمضاف إليه لا يعمل في المضاف، وكون العامل «دلّهم» مردود بأن «ما» النافية لا يعمل ما بعدها فيما قبلها(٢)، وإذا بطل أن يكون لها عامل تعين أن لا موضع لها من الإعراب، وذلك يقتضي الحرفية.
  * * *
[جميع الحروف مبنية]
  ص - وجميع الحروف مبنيّة.
  ش - لما فرغت من ذكر علامات الحرف، وبيان ما اختلف فيه منه، ذكرت حكمه، وأنه مبنيّ لاحظ لشيء من كلماته في الإعراب(٣).
(١) من الآية ١٤ من سورة سبأ.
(٢) مثل «ما» النافية إذا الفجائية فقد أجيبت «لما» بجملة مصدرة بإذا الفجائية نحو قوله تعالى: {فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ} ولا يعمل ما بعد إذا الفجائية فيما قبلها.
(٣) الحروف على ستة أنواع، وذلك لأنها إما أن تكون مشتركة بين الأسماء والأفعال بمعنى أنها تدخل على كل واحد من النوعين، وإما أن تكون مختصة بالأسماء بمعنى أنها تدخل عليها ولا تدخل على الأفعال، وإما أن تكون مختصة بالأفعال، وعلى كل حال من هذه الأحوال الثلاثة إما أن تكون عاملة وإما أن تكون غير عاملة:
النوع الأول: الحرف المشترك بين النوعين، وهو مهمل غير عامل، وذلك نحو: هل.
النوع الثاني: الحرف المشترك بين النوعين وهو - مع ذلك - يعمل، وذلك مثل لا وما النافيتين، فإنهما يدخلان على الاسم وعلى الفعل، وهما يعملان في الأسماء عمل ليس، فيرفعان الاسم وينصبان الخبر، وذلك نحو قولك «لا أحد أغير من اللّه» ونحو قوله تعالى {ما هذا بَشَراً} وقوله سبحانه {ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ}.
الثالث: الحرف المختص بالاسم وهو عامل، وذلك مثل حروف الجر، ومثل إن وأخواتها.
الرابع: الحرف المختص بالاسم، وهو مهمل غير عامل، وذلك مثل أل المعرفة، ولم تعمل لأنها نزلت من الاسم منزلة جزئه.
الخامس: الحرف المختص بالفعل وهو عامل كالنواصب والجوازم.
السادس: حرف مختص بالفعل وهو غير عامل، وذلك مثل قد والسين وسوف.
والأصل أن الحرف المشترك لا يعمل، وأن الحرف المختص بالاسم يعمل الجر، وأن الحرف المختص بالفعل يعمل الجزم، وكل ما خرج عن هذه الأصول فإنما خرج لعلة.