شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[إذا لم يصلح الجواب لأن يقع شرطا وجب قرنه بالفاء]

صفحة 114 - الجزء 1

  فهذه الأدوات التي تجزم فعلين، ويسمى الأول منهما شرطا، ويسمى الثاني جوابا، وجزاء⁣(⁣١).

[إذا لم يصلح الجواب لأن يقع شرطا وجب قرنه بالفاء]

  وإذا لم تصلح الجملة الواقعة جوابا لأن تقع بعد أداة الشرط وجب اقترانها بالفاء، وذلك إذا كانت الجملة اسمية، أو فعلية فعلها طلبيّ، أو جامد، أو منفيّ بلن، أو ما، أو مقرون بقد، أو حرف تنفيس، نحو قوله تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}⁣(⁣٢) {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}⁣(⁣٣) {إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالًا وَوَلَداً فَعَسى رَبِّي}⁣(⁣٤) {وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ}⁣(⁣٥) {وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ}⁣(⁣٦) {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ


= «تلتبس» وهو جواب الشرط، أما رواية المؤلف ففعل الشرط هو قوله «تأت» وجوابه هو قوله «تجد» وأما قوله «تشتجر» فهو بدل من تأت، وبدل المجزوم مجزوم، وعلامة جزمه السكون، ولكنا أفهمناك أن الرواية التي ساقها المؤلف ليست مستقيمة.

(١) اعلم أن أدوات الشرط الإحدى عشرة المذكورة تنقسم إلى أربعة أقسام، الأول: ما هو حرف باتفاق جميع النحاة، وهو «إن»، والثاني: ما هو مختلف فيه والراجح كونه حرفا، وهو «إذ ما»، والثالث: ما هو مختلف فيه والراجح أنه اسم، وهو «مهما»، والرابع: ما هو اسم باتفاق جميع النحاة، وهو الباقي.

ثم اعلم أن ما هو اسم - سواء أكان متفقا على أسميته أم مختلفا فيها - إما أن يدل على ظرف - نحو أين ومتى وأيان وحيثما - فهو في محل نصب على الظرفية، ومتعلقه فعل الشرط، وإما أن يدل على حدث - وذلك يتصور في «أيّ» وفي «ما» لأن «أيّا» بحسب ما تضاف إليه وهي قد تضاف إلى مصدر نحو «أيّ ضرب تضرب أضرب» ولأن «ما» موضوعة لما لا يعقل، وقد يكون ما لا يعقل حدثا، وقد قال المفسرون في قوله تعالى: {ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} إن التقدير أي نسخ ننسخ، وهي حينئذ مفعول مطلق، فإن لم تدل الأداة على الظرف ولا حدث، فإما أن يكون الذي بعدها فعلا لازما، وإما أن يكون فعلا متعديا، فإن كان الذي بعدها فعلا لازما نحو «من يخرج أخرج معه» فالأداة حينئذ في محل رفع مبتدأ؛ وإن كان ما بعدها فعلا متعديا فإما ألا يستوفي مفعوله وإما أن يستوفيه، فإن لم يستوف مفعوله نحو «من تخاصم» فالأداة حينئذ في محل نصب مفعول به لفعل الشرط وإن استوفى مفعوله نحو «من تخاصمه أخاصمه» فهو من «باب الاشتغال».

ومعنى ذلك: أنه يجوز إعرابه مبتدأ فالجملة بعده في محل رفع خبر، ويجوز إعرابه مفعولا به لفعل محذوف يفسره المذكور؛ فالجملة بعده لا محل لها مفسرة.

(٢) من الآية ١٧ من سورة الأنعام.

(٣) من الآية ٣١ من سورة آل عمران.

(٤) من الآيتين ٣٩ و ٤٠ من سورة الكهف.

(٥) من الآية ١١٥ من سورة آل عمران.

(٦) من الآية ٦ من سورة الحشر.