شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[أمثلة المبالغة، وإعمالها]

صفحة 304 - الجزء 1

  ظَهِيرٌ}⁣(⁣١)[⁣١].

[أمثلة المبالغة، وإعمالها]

  النوع الرابع من الأسماء التي تعمل عمل الفعل: أمثلة المبالغة، وهي [خمسة]:

  فعّال، وفعول، ومفعال، وفعيل، وفعل، قال الشاعر:

  ١٢٩ - أخا الحرب لبّاسا إليها جلالها ... وليس بولّاج الخوالف أعقلا


(١) من الآية ٤ من سورة التحريم.

[١] خاتمة: الأصل في عمل اسم الفاعل أن ينصب مفعوله، فتقول: أنا ضارب زيدا، بتنوين ضارب ونصب قولك زيدا، وتجوز إضافته إلى هذا المعمول للتخفيف، فتقول: أنا ضارب زيد، بحذف تنوين ضارب وإضافته إلى زيد، وإنما كان الأصل هو نصب المعمول لأن اسم الفاعل عمل بالحمل على الفعل، والفعل لا يضاف، فكان يستوجب ألا تجوز إضافته أصلا، ولكن العرب استجازوها نظرا إلى حقيقته وكونه اسما، وجرى استعمالهم على أن ينصبوا به معموله أحيانا وأن يجروا المعمول بالإضافة أحيانا أخرى؛ مراعاة للحقين.

واعلم أنك إذا أردت اتباع المعمول بمعطوف نظرت، فإما أن يكون المعمول منصوبا على ما هو الأصل، وإما أن يكون مجرورا.

فإن كان المعمول منصوبا لم يجز لك في تابعه إلا النصب، تقول: أنا ضارب زيدا وعمرا، ولا يجوز جر عمرو، لأن الجر غير موجود في لفظ المتبوع ولا هو أصل فيه.

وإن كان المعمول مجرورا جاز لك في تابعه وجهان: الجر، تبعا للفظ المتبوع، والنصب تبعا لمحله الأصلي، فتقول «أنا ضارب زيد وعمرو» بجر زيد وعمرو، ولك أن تقول «وعمرا» بنصبه، وقد جاء من ذلك قول الشاعر:

هل أنت باعث دينار لحاجتنا ... أو عبد عمرو أخا عون بن مخراق

وقد جاء قول امرئ القيس:

فظلّ طهاة اللّحم ما بين منضج ... صفيف شواء أو قدير معجّل

بنصب «صفيف شواء» على أنه مفعول به لمنضج الذي هو اسم فاعل من الإنضاج، وبجر «قدير معجل» بدليل أن قوافي القصيدة كلها مجرورة، وظاهره أنه معطوف على المنصوب، ولكن هذا الظاهر غير مراد، بل قوله «قدير» له اسم فاعل آخر محذوف، وكان قبل الحذف مضافا، فهو من باب حذف المضاف وبقاء المضاف إليه على حاله الذي كان قبل الحذف، وكأنه قد قال: ما بين منضج صفيف شواء - بالتنوين - أو منضج قدير معجل - بالإضافة.

١٢٩ - البيت للقلاخ بن حزن بن جناب، والقلاخ: بضم القاف وبعدها لام مفتوحة مخففة وآخره خاء معجمة، وقد أنشد هذا البيت ابن عقيل (رقم ٢٥٨) والمؤلف في أوضحه (رقم ٣٧٢) وفي الشذور (٢٠٧).

اللغة: «أخا الحرب» أراد الذي يعالجها ويخوض غمراتها ويلازمها ولا يفر منها «جلالها» - بكسر الجيم - جمع جل، وأراد بها هنا الدروع ونحوها مما يلبس في الحرب «ولاج» كثير الولوج وهو =