شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[لا تفيد حتى الترتيب، خلافا لبعضهم]

صفحة 340 - الجزء 1

  فعطف «نعله» وليست جزءا مما قبلها تحقيقا، لكنها جزء تقديرا؛ لأن معنى الكلام ألقى ما يثقله حتى نعله⁣(⁣١).

  * * *

[لا تفيد حتى الترتيب، خلافا لبعضهم]

  ص - لا للتّرتيب.

  ش - زعم بعضهم أن «حتّى» تفيد الترتيب كما تفيده ثمّ والفاء⁣(⁣٢)، وليس كذلك،


= قدرت كي تعليلية، وإما بكي نفسها إن قدرتها مصدرية ولام التعليل مقدرة قبلها، وفاعل يخفف ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو «رحله» رحل: مفعول به ليخفف، ورحل مضاف والضمير مضاف إليه «والزاد» معطوف بالواو على الصحيفة «حتى» حرف عطف «نعله»، نعل: معطوف على ما قبله، ونعل مضاف والضمير الذي للغائب مضاف إليه «ألقاها» ألقى: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو، والضمير العائد إلى النعل مفعول به لألقى، مبني على السكون في محل نصب، وذكر هذه الجملة يرجح عندنا رواية رفع «نعله» على أنه مبتدأ، والجملة بعده خبر، وعليه تكون حتى ابتدائية لا عاطفة.

الشاهد فيه: قوله «حتى نعله» على رواية النصب؛ فإن النعل وإن لم تكن جزءا من الذي قبلها على وجه الحقيقة، فهي جزء منه بسبب التأويل فيما قبلها؛ لأن معنى الكلام: ألقى كل شيء يثقله حتى نعله، ولا شك أن النعل بعض ما يثقله ويعوقه في سيره لأنه يسير سير الهارب المتوجس.

(١) وكما يشترط في المعطوف بحتى أن يكون جزءا من المعطوف عليه يشترط فيه أيضا أن يكون اسما، فلا يكون ما بعد حتى العاطفة فعلا، كما لا يكون جملة، ويشترط في الاسم أن يكون ظاهرا، فلا يجوز أن يكون ضميرا، فلا تقول: «قام القوم حتى أنا».

وإنما وجب في المعطوف بحتى أن يكون اسما ظاهرا، لأن حتى العاطفة منقولة من حتى الجارة، وهي تختص بالاسم ولو تأويلا وتختص بالظاهر من الأسماء على الراجح.

واشترط بعضهم شرطا زائدا على ما ذكرنا، وهو أن يكون المعطوف شريكا للمعطوف عليه في معنى العامل، إذ لو لم يشاركه في معنى العامل لكان من جنس آخر غير جنسه، فلا يصح أن يكون غاية وآخرا له، فلا يجوز أن تقول: «صمت ما بقي من رمضان حتى يوم الفطر» لأن يوم الفطر لا يصام؛ فليس بمشارك في العامل؛ والحق أن هذا الشرط مستغنى عنه باشتراط أن يكون ما بعدها غاية لما قبلها، لأنه لا يكون غاية له إلا إذا كان جزءا منه.

(٢) الذي زعم أن «حتى» تفيد الترتيب هو جار اللّه الزمخشري، وقد رد ذلك عليه كثير من العلماء منهم المؤلف وابن الحاجب وسعد الدين التفتازاني؛ والحق أن المعتبر في «حتى» ترتيب أجزاء ما قبلها في الذهن، من الأضعف إلى الأقوى، أو من الأقوى إلى الأضعف؛ ولا يعتبر الترتيب الخارجي؛ لجواز أن تكون ملابسة الفعل لما بعدها حاصلة قبل ملابسته لما قبلها نحو «مات كل آبائي حتى آدم» أو أن تكون ملابسته لما بعد حتى في أثناء ملابسته لما قبلها نحو «مات الناس حتى الأنبياء» أو تكون ملابسته لما بعد حتى مع ملابسته لما قبلها نحو أن تقول «جاءني القوم حتى خالد» إذا كان مجيئهم في وقت واحد، وكان خالد أضعف القوم أو أقواهم حتى يكون غاية لما قبله على المعنى الذي ذكره المؤلف.